موضوعا مستقلا ولو انكشف عدم الرشد.
نعم، لو كان الرشد من الصفات اللازمة - ولو نوعا - لمن بلغ النكاح، يمكن أن يقال: إن عدم الاختبار حال البلوغ ليس لأجل دخالة البلوغ أو استقلاله، بل لأجل تحقق الرشد; لقيام الأمارة عليه.
والفرق بين ما قبل البلوغ وما بعده - بعد اشتراكهما في تمام موضوعية الرشد -: أن العلم بالرشد قبل البلوغ يحتاج إلى الاختبار، وبعده لا يحتاج إليه; لقيام الأمارة عليه.
لكن من المعلوم: أن الرشد لا يلازم بلوغ النكاح، ولا يكون من الصفات النوعية له، فإيناس الرشد قبل البلوغ علة للاستقلال ووجوب رد المال، فإذا بلغ النكاح يرد إليه ماله بلا احتياج إلى الاختبار; لعدم احتمال عدم جواز رده إليه بعد البلوغ، وعدم وجوب الاختبار، فيكون البالغ أسوأ حالا من غيره، ولازمه استقلال البالغ ولو لم يكن رشيدا.
فتحصل منه: أن الاستقلال معلول لأحد أمرين: إما الرشد وإن كان قبل البلوغ، أو البلوغ وإن لم يتحقق الرشد.
ثالثها: أن تكون «حتى» للغاية، ويكون المراد من الآية الكريمة أن لزوم الابتلاء مستمر إلى زمان البلوغ، وبعد استمراره إليه إما أن يعلم رشده، فيرد إليه ماله، أو لا فلا يرد.
ولازم ذلك عدم كون واحد منهما، تمام الموضوع لاستقلاله ووجوب دفعه إليه، وإنما المجموع موضوع له.
وإنما أوجب الابتلاء من زمان يحتمل فيه الرشد إلى زمان البلوغ; لأجل أهمية الموضوع، واحتياج كشف الرشد وإيناسه إلى زمان معتد به، جرب فيه الطفل، وعلم منه العقل والتدبير، وهو مما لا يمكن الاطلاع عليه