البعض عن أنبياء الله وأصفيائه، فهي إلى التوراة أقرب منها إلى القرآن.
وليس ثمة مجال للاعتذار عن ذلك بكونه ظاهر القرآن لأننا قد شرحنا فيما تقدم من الآيات الكريمة المرتبطة بقضية النبي آدم (عليه السلام) كيفية عدم انطباق ما يقوله هذا البعض على تلك الآيات.
وسيأتي عند الحديث عن الآيات المتعلقة بسائر الأنبياء (عليهم السلام) ما يقطع العذر عن مثل هذا الوهم.
3 - على أن من الطريف أن نشير هنا إلى أن الحديث عن شعور آدم وحواء بالخزي والعار، لا موقع له، إذ إنهما كانا وحدهما في الجنة، ولم يكن ثمة ناظر لهما غيرهما، وهما زوجان لا محذور من نظر أحدهما إلى الآخر..
إلا أن يقال: إن الجن والملائكة، وحتى الشيطان كان أيضا موجودا، ولا يريدان أن ينظر أحد - خصوصا هذا المخلوق الشرير - إليهما، أو يقال: إن إحساسهما بظهور عورتيهما كان هو المرفوض من قبلهما. وعلى أي حال، فإننا لا نتفاعل!! مع تعبيره عن آدم النبي عليه السلام، أنه شعر " بالخزي والعار (1) " فإن ذلك غير لائق في حقه عليه السلام.
كما أن ذلك مجرد دعوى بلا دليل، ولم يكن هذا البعض حاضرا ولا ناظرا، ولا مطلعا على آثار هذا الخجل الناشئ عن الشعور بالخزي والعار، ولا رأى عليهما آثار الاضطراب ولا شاهد حمرة الخجل في وجهيهما، ولا غير ذلك من علامات.
وبعد، فإن من الواضح أن آدم عليه السلام، قد أكل من الشجرة، فواجه آثارا سلبية في جسده لم تكن قد مرت به من قبل. وقد كانت هذه الآثار متعددة عبر عنها القرآن الكريم بكلمة " سوءات " التي هي صيغة جمع، وقد نسب هذا الجمع إلى آدم وحواء كل على حدة، ومعنى ذلك أنه قد ظهرت سوآت عديدة لكل واحد منهما، لا سوءة واحدة لينحصر الأمر بموضوع ظهور العورة منهما، إذ لو كان المراد هو خصوص ذلك لكان الأنسب أن يقول: بدت لهما سوأتاهما. وتبديل المثنى بالجمع إنما يصار اليه في الموارد التي يقطع فيها بإرادة المثنى، بحيث يكون العدول غير موهم.