يأكلون من المال ويوكلون، وإني والله لا أداوي أدواء هذه الأمة إلا بالسيف). (تاريخ دمشق: 37 / 135) فهو يعلن بخله وبطشه بلا حياء! ثم يوبخ ولاته على تبذيرهم لكنهم يفحمونه فيسكت! قال يوما لولاته: (أما أنت يا خالد (بن أسيد الأموي) فاستعملتك على البصرة وهي تهدم بالأموال (مملوءة) فاستعملت كل ذئب فاجر! تحمل من العشرة درهما وتحتجن (تخبئ) التسعة لنفسك! وأما أنت يا أمية فإني وليتك خراسان وسجستان وهما يقلسان الذهب والفضة، فبعثت إلي ببرذون حطم (هرم) وحريرتين (ثوبي حرير) ومفتاح فيه رطل من ذهب زعمت أنه مفتاح مدينة الفيل، وما مدينة الفيل قبحها الله! فإذا استعملناكم أسأتم وقصرتم، وإذا استعملنا غيركم قلتم حرمنا وقطع أرحامنا وآثر علينا غيرنا)!
وقال يوما: (إنا لنولي الرجل فيخون ويعجز كأنه يعرض بخالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد، فقال خالد: أما العجز فإنه لم يعجز من وطأ لك مجلسك هذا، وأما الخيانة فما طلب العمل إلا لاصطناع المعروف وما زال الناس من لدن عثمان يصيبون من هذا المال: أنت وغيرك! فسكت عبد الملك). (أنساب الأشراف / 1409)!
فسكت عبد الملك، لأن هذه سياستهم المالية التي أسسها عثمان ومعاوية! أما فلسفتها ودليلها (الشرعي) فهو كما تقدم ادعاء معاوية أنه خليفة الله في أرضه، فالمال ماله وليس مال المسلمين!
قال المزي في تهذيب الكمال: 7 / 179: (عن سعيد بن المسيب قال: كان ابن برصاء الليثي من جلساء مروان بن الحكم ومحدثيه، وكان يسمر معه فذكروا عند مروان الفئ فقالوا: مال الله... فقال مروان: المال مال أمير المؤمنين معاوية يقسمه فيمن شاء ويمنعه ممن شاء، وما أمضى فيه من شئ فهو مصيب فيه. فخرج ابن البرصاء فلقي سعد بن أبي وقاص فأخبره بقول مروان، قال سعيد بن