بما يستقبلني به هذا العبد؟! ثم التفت إليه عمرو فقال له: يا بن السوداء ما أطغاك! فقال: أنت أطغى مني وألام، تعيرني بأمي وأمي والله خير من أمك وهي أم أيمن مولاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بشرها رسول الله في غير موطن بالجنة، وأبي خير من أبيك زيد بن حارثة صاحب رسول الله وحبه ومولاه، قتل شهيدا بمؤتة على طاعة الله وطاعة رسوله، وقبض رسول الله وأنا أمير على أبيك وعلى من هو خير من أبيك على أبي بكر وعمر وأبي عبيدة وسروات المهاجرين والأنصار، فأنى تفاخرني يا بن عثمان! فقال عمرو: يا قوم أما تسمعون بما يجبهني به هذا العبد؟! فقام مروان بن الحكم فجلس إلى جنب عمرو بن عثمان، فقام الحسن بن علي فجلس إلى جنب أسامة، فقام عتبة بن أبي سفيان فجلس إلى جنب عمرو، فقام عبد الله بن عباس فجلس إلى جنب أسامة، فقام سعيد بن العاص فجلس إلى جنب عمرو، فقام عبد الله بن جعفر فجلس إلى جنب أسامة.
فلما رآهم معاوية قد صاروا فريقين من بني هاشم وبني أمية، خشي أن يعظم البلاء فقال: إن عندي من هذا الحائط لعلما! قالوا: فقل بعلمك فقد رضينا! فقال معاوية: أشهد أن رسول الله جعله لأسامة بن زيد، قم يا أسامة فاقبض حائطك هنيئا مريئا، فقام أسامة والهاشميين وجزوا معاوية خيرا! فأقبل عمرو بن عثمان على معاوية فقال: لا جزاك الله عن الرحم خيرا، ما زدت على أن كذبت قولنا وفسخت حجتنا وشمت بنا عدونا! فقال معاوية: ويحك يا عمرو! إني لما رأيت هؤلاء الفتية من بني هاشم قد اعتزلوا، ذكرت أعينهم تزور إلي من تحت المغافر بصفين فكاد يختلط علي عقلي! وما يؤمنني يا بن عثمان منهم وقد أحلوا بأبيك ما أحلوا، ونازعوني مهجة نفسي حتى نجوت منهم بعد نبأ عظيم وخطب جسيم! فانصرف فنحن مخلفون لك خيرا من حائطك إن شاء الله)!!