واليتامى والمسكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) (1) فمنعتني من حقي، وأنا ابن السبيل، منقطع بي، ومسكين لا أرجع إلى شيء، ومن حملة القرآن، فقال له المأمون: أعطل حدا من حدود الله وحكما من أحكامه في السارق من أجل أساطيرك هذه؟! فقال الصوفي: ابدأ بنفسك وطهرها، ثم طهر غيرك، وأقم حد الله عليها، ثم على غيرك، فالتفت المأمون إلى أبي الحسن (عليه السلام) فقال: ما تقول؟ فقال: " إنه يقول: سرق فسرق " فغضب المأمون غضبا شديدا، ثم قال للصوفي: والله لأقطعنك، فقال الصوفي:
أتقطعني وأنت عبد لي، فقال المأمون: ويلك من أين صرت عبدا لك؟
قال: لأن أمك اشتريت من مال المسلمين، فأنت عبد لمن في المشرق والمغرب حتى يعتقوك، وأنا لم أعتقك؛ ثم بلغك الخمس وبعد ذلك فلا أعطيت آل الرسول سلام الله عليهم ولا أعطيتني ونظرائي وحقنا.
والأخرى أن الخبيث لا يطهر خبيثا مثله إنما يطهره طاهر، ومن في جنبه الحد لا يقيم الحدود على غيره حتى يبدأ بنفسه، أما سمعت قول الله عز وجل (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتب أفلا تعقلون) (2) فالتفت المأمون إلى الرضا (عليه السلام) فقال: ما ترى في أمره؟ فقال:
" إن الله - جل جلاله - قال لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (قل فلله الحجة البلغة) (3) وهي التي لم تبلغ الجاهل فيعلمها على جهله كما يعلمها العالم بعلمه، والدنيا والآخرة قائمتان بالحجة وقد احتج الرجل ". فأمر المأمون عند ذلك بإطلاق الصوفي، واحتجب عن الناس واشتغل بالرضا (عليه السلام) حتى