بالإجماع وبقي الباقي، ولكن الشأن في ظهور الإطلاق، وهو محل تأمل.
ويمكن دفع الأول بأن الدليل على التفصيل هو الخبران مع انضمام ما دل على البطلان، كما استدل به المبطل مطلقا، فإن موثقة عمار (1) ورواية أبي الصباح الكناني (2) واردان في الوضوء، فيبقى موثقة أبي بكر (3) ورواية الحسن بن جهم (4)، وهما وإن كانا مطلقين فلا بد من حملهما على المتوضئ قضية للجمع بين المطلق والمقيد.
ولعله إلى ذلك نظر الشيخ في التهذيب حيث قال - بعد إيراد الصحيحتين -:
ولا يلزم ذلك في المتوضئ إذا صلى ثم أحدث أن يبني على ما مضى من صلاته لأن الشريعة منعت من ذلك، وهو أنه لا خلاف بين أصحابنا أن من أحدث في الصلاة ما يقطع صلاته يجب عليه استينافه (5) انتهى.
ولا يخفى أنهما قويتان مشهورتان، كما ذكره في المعتبر ومال إلى العمل بمضمونهما (6). وعمل بهما جماعة من الأصحاب، مع اعتضادهما بالأصول والعمومات واليسر ونفي الحرج.
وأما من يحاول بالصحيحين الاستدلال على البناء مطلقا حتى في المائية فقد ركب شططا. ولا يخفى أنه يحتاج إلى عدم القول بالفصل، وهو منتف، والكلام فيه نظير الكلام في التشهد، إذ إثبات الإطلاق في جانب البناء غير ممكن لما مر، والمطلق مع المبطل مطلقا كما ذكرنا، فغاية الأمر التخصيص والتقييد.
ثم إن بعض المتأخرين حكم بتشابه الصحيحين، ولعله لما ذكره في بعض كلماته من أن قوله (عليه السلام) " ثم أحدث فأصاب ماء " على البناء للمفعول أي: أحدث