وهل يكفي التساوي أو يجب التأخر؟ فالمنسوب إلى أكثر الأصحاب، والمشهور بينهم هو عدم وجوب التأخر، والمنقول عن ظاهر ابن إدريس لزوم التأخر. والأول أقرب.
لنا - مضافا إلى ظاهر الإطلاقات - إطلاق صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة، ولكنه يثبت التفصيل بالنسبة إلى الرجلين والأكثر، وأن الوقوف على اليمين إنما هو إذا كانا رجلين. وفي معناها روايته الأخرى المتقدمة.
ويدل على جواز التساوي أيضا موثقة سعيد الأعرج عن الصادق (عليه السلام) في الرجل يأتي الصلاة فلا يجد في الصف مقاما أيقوم وحده حتى يفرغ من صلاته؟
قال: نعم، لا بأس، يقوم بحذاء الإمام (1). وفي معناه رواية أخرى (2) وسيجئ أيضا ما يشير إلى ذلك.
وهذه الأخبار أيضا للرجل الواحد في المواد المعينة اللهم إلا أن يقال: إن القول الثالث منتف، فإذا ثبت جواز التساوي في الرجلين ثبت في الأكثر، فلا بد من حمل تتمة الصحيحة وما في معناها من الأخبار على الاستحباب، إلا أن الرواية وغيرها من الأخبار أظهر دلالة على مذهب ابن إدريس.
وفي مرفوعة علي بن إبراهيم - رفعه قال: رأيت أبا عبد الله (عليه السلام) يصلي بقوم وهو إلى زاوية في بيته بقرب الحائط وكلهم عن يمينه وليس على يساره أحد (3) - تأييد ما لما اخترناه (4).
ويبقى الكلام في وجه الترجيح، وحمل الخلاف على الاستحباب.
وما ذهب إليه ابن إدريس أقوى بالنسبة إلى الأصول، وظواهر كثير من الأخبار واشتراكه في أدلة المشهور كما ذكرنا. والمشهور بالنسبة إلى الشهرة ومطابقته للإطلاقات.