وهذه الصحيحة أيضا ظاهرها جواز السبقة بدون العذر كما لا يخفى.
والظاهر أنه لا يجب هنا قصد الانفراد، وربما ينسب ذلك إلى ظاهر الأصحاب أيضا، وربما يقوى ذلك على القول بعدم وجوب المتابعة في الأقوال، ولعله ليس على ما ينبغي، لكون الجلوس المعين من الأفعال، والانصراف قبل الإمام، سيما إذا طال التشهد، تستلزم عدم المتابعة في الفعل أيضا، والأخبار مطلقة. ولعل قصد الانصراف يكفي مع عدم قصد الائتمام، ولا حاجة إلى القصد بعدمه.
منهاج لا شك في أن الأولى بالتقدم هو إمام الأصل لو كان حاضرا، بل وكذلك حكم من أنابه الإمام بخصوص الصلاة، وأما عند غيبته فصاحب المنزل والإمارة عن جانب الإمام والمسجد الراتب أولى من غيرهم وإن كان الغير أفضل. والظاهر عدم الخلاف في ذلك. وقال العلامة في المنتهى: إنه لا نعرف فيه خلافا (1).
ويدل على ذلك رواية أبي عبيدة الآتية، وفي معناها أيضا روى الجمهور عن النبي (صلى الله عليه وآله) (2)، ولكنها يدل على الأولتين، وأما المسجد فربما يعلل بأن تقديم الغير يورث وحشة وتنافرا، وبأنه مثل منزله. ويمكن أن يقال: إن ذلك سلطنة لصاحب المسجد، فيدخل في الرواية أيضا. وكلام الأصحاب في ذلك يكفي، للتسامح في أدلة السنن.
وحكم الشهيدان بأن الكراهة ينتفي لو كان بإذنهم، لأن أولويتهم ليست مستندة إلى فضيلة ذاتية، بل إلى سياسة أدبية (3).
وقال صاحب المدارك: إنه اجتهاد في مقابل النص (4).