غالب الأعراب أنهم غير عارفين بالأحكام فيكون المنع لذلك - قوام وحقيقة، وكذا تحسين جماعة من المتأخرين لذلك، اللهم إلا أن يكون نظره إلى العموم، كما في صحيحة أبي بصير، وهو - مع ما ذكرنا من الظهور - غير جيد في نفسه، لما عرفت من لزوم التقييد، إلا أن يقال: إن المنع الوارد في الأخبار من جهة التنبيه على أنه فاسق من جهة ترك هذا الواجب وإن كان حصل ما يجب عليه من معرفة الصلاة، وحينئذ فلا وجه لجوازه لمثله كما ذهب إليه أيضا.
فيبقى الكلام في أن النهي هل هو بظاهره أم لا؟ والأنسب بظاهر الحقيقة، والمرجحات التي ذكرناها في الأجذم والأبرص هو عدم الجواز، بل البطلان.
ولعل المجوز رجح العمومات، وحمل النهي على المجاز لعدم المقاومة، أو لأنه بنى الأمر في المجذوم وغيره على الكراهة. فيحصل بسبب ذلك وهن في الدلالة، وهو مشكل.
وأسند في المدارك إطلاق المنع عن إمامة الأغلف إلى الأكثر (1)، وذهب بعضهم إلى الكراهة (2)، ونقل عن أبي الصلاح تجويزه لمثله (3)، وصرح الفاضلان في المختلف (4) والمعتبر (5) بتفصيل آخر، وارتضاه بعض من تأخر عنهما (6)، وهو أنه إن كان فرط في ذلك مع القدرة فلا يجوز إمامته باعتبار فسوقه، وإلا فيجوز.
وليس بذلك البعيد.
وعلى الأول، فهل يبطل الصلاة أم لا؟ وجهان: بالنظر إلى القول بأن الأمر بالشئ نهي عن ضده أم لا، فعلى الثاني يصح لأن النهي متعلق بخارج.
وأما رواية عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي (عليه السلام) قال:
الأغلف لا يؤم القوم وإن كان أقرأهم، لأنه ضيع من السنة أعظمها، ولا تقبل له شهادة، ولا يصلى عليه إلا أن يكون منع ذلك خوفا على نفسه (7).