وتردد في ذلك الحكم المحقق في المعتبر (1)، ولعله لاضطراب الخبر. وحكم الشيخ في الخلاف بالكراهة (2) وارتضاه بعض المتأخرين.
واختلفوا في قدر العلو المانع، فقيل: ما يعتد به. وقيل: قدر شبر. وقيل: ما لا يتخطى.
ولعل نظر القائل بالأخيرين إلى رواية عمار على بعض الطرق، وصحيحة زرارة المتقدمة على بعض الوجوه. ولا يخفى أنهما لا يدلان على أحدهما كما عرفت.
وقال في التذكرة: لو كان العلو يسيرا جاز إجماعا (3)، والاحتياط الاجتناب عن العلو مطلقا. ثم إنه نسب إلى الأصحاب أن الباطل حينئذ هو صلاة المأموم دون الإمام، وإلى بعض العامة تعميم البطلان.
وأما المأموم فيجوز علوه على الإمام، ولعله إجماعي، وأسنده في المنتهى إلى علمائنا (4) ولم نقف فيه من الأصحاب على مخالف.
ويدل عليه - مضافا إلى الإطلاقات - خصوص الموثقة المتقدمة.
وأما ما رواه محمد بن عبد الله عن الرضا (عليه السلام) قال: سألته عن الإمام يصلي في موضع والذين يصلون خلفه في موضع أرفع منه، فقال: يكون مكانهم مستويا (5) فلا بد من حملها على الاستحباب، لعدم مقاومتها لما ذكرنا لجهالة الراوي - وإن كان الراوي عنه صفوان بن يحيى، وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه - ولمتروكية ظاهرها عند الأصحاب. والاحتياط في ذلك ما لم يتضيق المكان.
ولا يجوز تقدم المأموم على الإمام للإجماع ولعدم توظيف ذلك من الشارع، بل وتوظيف خلافه. ويظهر ذلك من الأخبار الكثيرة.