مع أن الفقهاء منهم من نسب إليه القول بالتحريم، ومنهم من نسب إليه القول بالجواز، ولم ينسب إليه القول بالعينية منهم أحد.
مع أنه لا حاجة لنا إلى إثبات عدم القول بذلك، فإن بعد معلومية المشهور والمجمع عليه فالعبرة بدلالة الدليل. فلنذكر الأدلة على ما اقتضته الأقوال، ولنحقق المقال على ما هدانا إليه الكريم المتعال، ولنعقب الحجة والاستدلال بما يرد عليه من الاعتراض والإشكال.
حجة القائلين بأن وجوبها مطلق، ولا يشترط فيه الشرط المذكور، وأن وجوبها في مثل هذه الأزمان عيني، وجوه:
الأول: أصالة عدم الشرط.
وفيه: أنها معارضة بأصالة بقاء شغل الذمة، وعدم تحقق العبادة بدون الشرط، وبأن الشك في الشرط يستلزم الشك في المشروط، إلى غير ذلك، وستعرف التفصيل.
الثاني: الآية، قال الله تعالى: * (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) * الآية (1)، أجمع المفسرون على أن المراد بالذكر هنا الخطبة أو صلاة الجمعة، تسمية للشئ باسم أشرف أجزائه، والأمر للوجوب، وهو هنا للتكرار باتفاق العلماء، فيحتاج تقييده إلى دليل.
وفيه نظر من وجوه:
الأول: أن الخطاب الشفاهي مخصوص للحاضرين زمان الخطاب، لقبح خطاب المعدوم، والأصل الحقيقة، ولا دليل على المخالفة، والقياس باطل عندنا.
فكون المعدومين في زمن الخطاب مكلفين بذلك أول الكلام، واشتراكهم معهم في التكاليف إنما يثبت بالإجماع، وهو هنا منتف جزما، بل خلافه هو المجمع عليه.
وأما الاجماع على الاشتراك كليا فتكون هذه من أفراده، فمع أنه لم يثبت