والحكم فيما ذكرنا لا يتفاوت فيما يجعله دار مقامته بدون الملك والمنزل ومعه، إذ قد علم مما ذكرنا من الجمع بين الأخبار أن لا عبرة بحال الملك والمنزل، والعبرة بالاستيطان، وكلام الأصحاب ممن صرح بإلحاق دار المقامة بما كان له ملك فيه أيضا صريح في اشتراط التوطن ستة أشهر على ما هو مقتضى صحيحة محمد بن إسماعيل، بل وصرح بعضهم بالأولوية وإذ قد ظهر أن مبنى كلامهم في اشتراط الملك مع الاستيطان ستة أشهر هو أعم مما استمر نية الإقامة فيها أم لا بل الثاني هو المقصود بالذات، إذ لا بحث في الأول فلا بد أن يعم قولهم بإلحاق بلد الإقامة بذلك واشتراط الاستيطان بهذا المقدار صورة قطع النية وعدمه فيكون نية كونه بلد الإقامة قائما مقام الملك، وهو أشكل من سابقه مع فقدان نقل الاجماع على ذلك بالخصوص، ولكن العلامة في التذكرة صرح باعتبار دوام النية هاهنا، وقال: وجب عليه الإتمام ما لم تغير نية الإقامة (1). ومع هذا فلا حاجة إلى مرور ستة أشهر على زمان نية الإقامة لكونه وطنه عرفا وبيته ويصح سلب اسم المسافر عنه ما دام فيه، وهذا مما لا ريب فيه.
المقام الثاني: بعدما اعتبرنا الإجماعين، وبنينا المسألة على ما بنوا عليه، وأن الاستيطان بالفعل ليس بشرط، وقطعنا النظر عن المطلقات، بل وعن نفس ظاهر صحيحة محمد بن إسماعيل أيضا، فهل يكفي مطلق الملك ولو كان نخلة أم لا بد من المنزل؟
قال العلامة في المختلف: الأقرب عندي الإتمام سواء نزل في منزله الذي في البلد أو لا، بشرطين: ثبوت الملك والاستيطان في البلد. ولا يشترط الاستيطان في المنزل المملوك، بل لو استوطن في غير ملكه ستة أشهر وجب التمام، بل لو لم يكن منزل، بل لو كان له في البلد ضيعة أو مزرعة أو بستان، بل ولو نخلة وجب الإتمام مع الاستيطان ستة أشهر في البلد (2). ويقرب منه كلامه في التذكرة (3).