ولعل ذلك يحتاج إلى عدم القول بالفصل أيضا، مع أن هذا ليس مراده لنصه بالجلوس، وإن كان مراده التخيير في نفس التشهد فلا وجه له أيضا، إلا أن يقال:
القعود مطلق، والمطلق مخير في إيجاده في ضمن الأفراد، ولم يظهر من عمومات متابعة الإمام للمأموم استحبابه هاهنا، ولم ينصرف الإطلاقات إلى ذلك، وكذا الأخبار الدالة على أن التشهد بركة، كما سيجئ إن شاء الله، فيبقى الإطلاق بحاله.
لكن يبقى الإشكال حينئذ في مراده من تضعيف السند، وهذا إنما يحسن لو كان مراده لزوم ذكر التشهد. ومن أنى له ذلك.
ثم إني بعد ما لاحظت المعتبر (1) ظهر لي أن مراده هو التخيير بين العمل بالموثقة الأولى والثانية، وترجيح العمل بالموثقة الأولى مع تخييره بين الإتيان بذكر التشهد وعدمه نظرا إلى الإطلاق، فلا نطيل بذكرها، وعبارة المدارك قاصرة عن بيان مراده. وكذلك يظهر من الذكرى (2) الجمع بين الخبرين بالتخيير وترجيح العمل بالأول، لكنه لم يتعرض لذكر التشهد.
وقد ظهر من مجموع ما ذكرنا أن الفضيلة لعلها تدرك بإدراك التشهد، وقد يقال: " لا يدرك بذلك " لأن ظاهر صحيحة محمد بن مسلم (3) المتقدمة بذلك إذ جعل منتهى إدراك الفضيلة إدراكه في السجدة الأخيرة.
وبالجملة: حصول الفضيلة له بذلك مما لا ريب فيه على تقدير الاستحباب، وأما كونها فضيلة الجماعة ففيه تردد.
منهاج إذا كان المأموم مسبوقا من الإمام بركعة فصاعدا، يجعل ما يدركه مع الإمام من الركعة أول صلاته ويأتي بالباقي، ويتم صلاته بعد تسليم الإمام، وهو اتفاق علمائنا أجمع، كما قاله في المعتبر (4) والمنتهى (5)، ويدل عليه الأخبار الآتية أيضا.