وجهه مما أسلفنا، وأما معه فقولان، والأصح البطلان، للأصل، ولعدم ظهور صدق القدوة، لأن القدوة يحصل إذا ثبت صلاة يقتدى بها، والاقتداء أيضا إنما يحصل بانعقاد الصلاة، ولا ينعقد إلا بعد تمام التكبير، وتمامه ليس في حال انعقاد صلاة المؤتم به، لكون بعضه قبل انعقاد صلاته، ولكن الحميري روى في قرب الإسناد عن علي بن جعفر عن أخيه (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يصلي فيكبر قبل الإمام، قال: لا يكبر إلا مع الإمام، فإن كبر قبله أعاد التكبير (1).
وفي دلالتها على خلاف ما اخترناه تأمل.
واعلم أن كلام الأصحاب في هذه المسائل - كالأخبار - مقيد بالصلاة خلف من يقتدى به، والظاهر أنه كذلك، والله يعلم.
منهاج الأظهر أنه يجب ترك القراءة للمأموم مطلقا، إلا إذا كان الصلاة جهرية، ولم يسمع صوت الإمام ولا همهمته، ويستحب القراءة في هذه الصورة وفاقا لجماعة من المتأخرين.
لنا ظاهر الآية الشريفة (2) وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصلاة خلف الإمام أقرأ خلفه؟ فقال: أما الصلاة التي لا يجهر فيها بالقراءة فإن ذلك جعل إليه فلا تقرأ خلفه، وأما الصلاة التي يجهر فيها فإنما امر بالجهر لينصت من خلفه، فإن سمعت فانصت وإن لم تسمع فاقرأ (3).
وصحيحة الحلبي عنه (عليه السلام) قال: إذا صليت خلف إمام تأتم به فلا تقرأ خلفه سمعت قراءته أم لم تسمع، إلا أن تكون صلاة يجهر فيها ولم تسمع فاقرأ (4).