للمشترط لترك المحارم مطلقا إثبات انتفاء الصغائر، وكون المحارم كلها كبائر، أو بيان عدم التفرقة بين الصغائر والكبائر في لزوم الاجتناب بالدليل الخارج من تلك الأخبار.
والظاهر أن المشترطين لتركها مطلقا بناؤهم على أن المحارم كلها كبائر، فيرجع النزاع في ذلك في الحقيقة إلى ثبوت الصغائر وعدمها.
فالكلام إذن في مقامات ثلاثة: ثبوت الصغائر وعدمها، وتعداد الكبائر وأنواعها، ولزوم اجتناب ما يستلزم سقوط المروة وعدمها.
المقام الأول: في أن المعاصي تنقسم على قسمين: صغيرة وكبيرة، وهو المشهور بين أصحابنا، سيما المتأخرين، وظاهر جماعة منهم، كالمفيد (1) وابن البراج (2) وأبي الصلاح (3) والشيخ في العدة (4) والطبرسي (5) وابن إدريس (6) أنها كلها كبائر، حتى قال الطبرسي في تفسيره: وإلى هذا ذهب أصحابنا رضي الله عنهم، فإنهم قالوا: المعاصي كلها كبيرة، لكن بعضها أكبر من بعض، وليس في الذنوب صغيرة إلا بالإضافة إلى ما هو أكبر (7).
وقال ابن إدريس - بعد نقل القول بالتفصيل عن الشيخ في المبسوط -: وهذا القول لم يذهب إليه في غير هذا الكتاب، ولا ذهب إليه أحد من أصحابنا، لأنه لا صغائر عندنا في المعاصي إلا بالإضافة إلى غيرها.
وما خرجه واستدل به من أنه يؤدي ذلك إلى أن لا تقبل شهادة أحد لأنه لا أحد ينفك من مواقعة بعض المعاصي فغير واضح، لأنه قادر على التوبة من ذلك الصغيرة، فإذا تاب قبلت شهادته، وليست التوبة مما يتعذر على انسان دون انسان، ولا شك أن القول تخريج لبعض المخالفين، فاختاره شيخنا هاهنا، ونصره وأورده