فلنمثل لك بمثال ليتضح الأمر، وهو أنا إذا قرأنا في الصلاة سورة الفرقان مثلا، وإذا بلغنا إلى قوله تعالى: * (والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم) * (1) إلى آخره، فقلنا بقصد الدعاء بعد قوله تعالى: * (يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم) * إلى آخره لأجل استحباب التعوذ عن النار حيث ما تذكر في القرآن ونسينا عن التكلم به أولا من جهة قراءة القرآن فهل يحسب هذا الكلام بعد التذكر من القراءة ويجوز الاكتفاء به أو يجب الإعادة؟ فلا ريب أن هذا الكلام مشترك بين الدعاء والقرآن، ولا يتميز إلا بالقصد، وبدونه لا يحصل الامتثال عرفا، فكذلك إذا اشترك اللفظ بين السورتين.
وأما الثاني فلأنه حينئذ يصير من باب الاستعاذة، ولا ريب أنا مأمورون بذكر " بسم الله الرحمن الرحيم " في أول كل سورة، ولا يحصل الامتثال إلا بقصد الامتثال، والامتثال هو موافقة الأمر، وكل أمر يقتضي امتثالا، إذ الأصل عدم التداخل، كما حققناه في كتاب الطهارة.
وقياس ما نحن فيه بما لو كتب كاتب " بسم الله الرحمن الرحيم " بقصد سورة، ثم كتب بعده سورة أخرى، والقول بأنه يقال له في العرف: إنه كتب سورة تامة باطل للفرق الواضح بين المقامين، لأن المقصود هنا النقش، وثمة التكلم، وهو مأمور به.
نعم إذا أمرنا الشارع بكتابة سورة وعلمنا أن مراده ليس مجرد النقش بل ما يقرأ في الصلاة فلا يبعد القول بعدم الامتثال حينئذ أيضا.
ومما ذكرنا لعله يظهر حال أوائل السور المشتركة بين سور ك " حم، وألم، والحمد " وغيرها.
منهاج المشهور بين الأصحاب وجوب الجهر بالحمد والسورة في الصبح وفي