وهاهنا كلمات لا بد من التنبيه لها:
الأولى: أنه لا فرق في ذلك بين ما لو كان السفر منحصرا في قدر المسافة أو أزيد، وكان الإقامة قبل قطع المسافة المعتبرة أو بعدها، إذ غاية ما ثبت - على سبيل التسليم - هو اعتبار عدم مقارنة نية الإقامة في الأثناء للقصد، وأما عدم الإقامة في الأثناء فلا يلوح من خبر ومن دليل.
الثانية: أن المعتبر في العشرة أيام هو ما صدق عليه عرفا اسم العشرة أيام، فيصدق على من دخل في البلد حين طلوع الشمس أو بعده قليلا يوم الأربعاء وخرج منه حين غروبها أو ما يقرب منه يوم الجمعة الثانية أنه أقام عشرة أيام، فلا يجب إدخال شئ من الليل من باب المقدمة، ولا نحو ذلك، ولا اعتبار ليل الورود لعدم دخوله في مفهوم اليوم عرفا.
ولا عبرة بالتلفيق، فلو دخل يوم الأربعاء وقت الزوال وخرج يوم السبت الثانية بعد الزوال لا يصدق عليه ذلك عرفا، كما يظهر من عدم اعتبارهم التلفيق في الاعتكاف والعدة.
الثالثة: هل يشترط التوالي في الإقامة بحيث لا يخرج ما دام مقيما إلى حد الترخص، بأن ينوي الإقامة المعراة عن نية ذلك أم لا؟ ففيه وجهان، وقطع بالاشتراط الشهيدان (1) وغيرهما.
وقال الشهيد الثاني (رحمه الله) - على ما نقل عن بعض فوائده - بعد أن صرح باعتبار ذلك: وما يوجد في بعض القيود من أن الخروج إلى خارج الحدود مع العود إلى موضع الإقامة ليومه أو ليلته لا يؤثر في نية الإقامة وإن لم ينو إقامة عشرة مستأنفة لا حقيقة له، ولم نقف عليه مستندا إلى أحد من المعتبرين الذين نعتبر فتواهم، فيجب الحكم باطراحه، حتى لو كان ذلك في نيته من أول الإقامة، بحيث صاحبت هذه النية نية إقامة العشرة، لم يعتد بنية الإقامة وكان باقيا على القصر، لعدم الجزم بإقامة العشرة المتوالية، فإن الخروج إلى ما يوجب الخفاء يقطعها ونيته في ابتدائها