وأما الدليل السادس: ففيه أن ما ذكرتم من استمرار فعلهم على ذلك فلعل ذلك مختص بزمان الحضور، كما ظهر في طي الأقوال.
سلمنا، لكن ذلك شرط لعينيتها، ولم يظهر كون ذلك شرطا للجواز، ومآل هذا الكلام في الحقيقة إلى الاجماع، وقد مر الجواب عنه.
وأما ما قيل: " لو كان واجبا عينا لكان يجب " إلى آخره، فيمنع أولا: حصول القطع لنا بالعدم، وثانيا: بأن ذلك لا يثبت التحريم، فما المانع أن يكون ذلك من جهة الاستحباب؟ ولم يثبت كون صلاة الجمعة بالنسبة إلى الإذن مطلقا وإن تمكن المكلفون من ذلك، ولا مانع من كونها مشروطا، فلا عقاب عليهم، ولا لوم في عدم تحصيل ذلك. وكذلك يمكن أن يقال في جانب الرسول (صلى الله عليه وآله) فإن الصلاة كان عليه (صلى الله عليه وآله) واجبا وعلى المكلفين المتمكنين عن الصلاة معه.
وأما وجوب تعيينه نائبا في جميع الأصقاع فوجوبه عليه أيضا ممنوع، فحينئذ وجوب صلاة المكلفين النائين عن خدمته (صلى الله عليه وآله) لعله كان مشروطا بمشيئته وإرادته في نصب النائب، وجعله إماما لهم، فلذلك لم ينتشر ذلك في جميع الأصقاع والأعصار والأمصار، فتدبر.
هذا، وما ذكرناها من الأدلة للمحرمين وإن كان أكثرها مدخولة، لكنها بمجموعها دليل مستقل على الاشتراط، بل وجملة منها أيضا مستقلة في الدلالة على ذلك، أما إثبات الحرمة فيشكل مع ذلك وإن كان لا يخلو من قوة.
ومما ذكر ظهر غاية الوهن في الوجوب العيني، فبقي الكلام في أدلة الاستحباب وإثبات التخيير، فالمصادمة اذن في الحقيقة بينهما.
حجة المخيرين وجوه:
الأول: الاجماع، نقله جماعة من الأصحاب منهم: الشيخ (1) والسيد (2)،