وأما قولهم (عليهم السلام): " التسليمة الواحدة والتسليمتين " فالمراد به الوحدة والتعدد الشخصي لا النوعي، فلا تغفل.
والذي يختلج بالبال من العناية في التوجيه وجهان:
الأول: إنا لما بينا الأمر هاهنا على التخيير بين اللفظين فيكون هما معا أحد أفراد الواجب التخييري وأفضلها، فالمحلل قد يكون اللفظ الأول، وقد يكون الثاني، وقد يكون هما معا بمعنى تحققه بالمجموع، فيصدق على المجموع أيضا أنه مخرج ولو باعتبار أحدهما، ويحصل الانصراف به فيتم التقريب، لأن حصول الاستحباب المذكور بالمجموع يكفي فيه حصوله باللفظ الآخر، فتأمل.
والثاني: أن في رواية أبي بصير إشعارا بأن المأموم بعد قول: " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " يسلم على من يمينه وشماله، وفي سوق الرواية لهذا أيضا تأييد فلاحظها، فإذا ثبت ذلك فلا قائل بالفصل، ولكن إثبات ذلك مشكل، فتفكر.
ويستحب للإمام أيضا ما يستحب للمنفرد على المشهور، إلا أنه يومي بصفحة وجهه.
ويدل عليه صحيحة عبد الحميد المتقدمة (1)، وصحيحة منصور قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): الإمام يسلم واحدة، ومن وراءه يسلم اثنتين، فإن لم يكن عن شماله أحد يسلم واحدة (2)، ورواية أبي بصير المتقدمة (3).
ولم أجد للتفرقة بمؤخر العين، وصفحة الوجه وجها، ويمكن أن يقال: إن في موثقة يونس بن يعقوب وموثقة أبي بصير المتقدمتين (4) دلالة على ذلك مع ضرب من التوجيه، فتدبر.
ورواية المفضل الآتية يثبت ما يقرب من عكس ذلك.