مع مخالفة جماعة من فحول العلماء والمحدثين. وفهم الصدوق الخبر كما فهمنا لظواهر تلك الأخبار مع اعتضادها بالأصول والعمومات محل تأمل.
فالأرجح في الفتوى هو ما ذكرنا، والاحتياط في الجمع، والله أعلم بحقائق أحكامه.
الخامس أن لا يكون السفر عمله ولا يكون بيته معه، فيندرج فيه ما نص عليه بالخصوص كما ستعرف وغيره مما عمته العلة المنصوصة. وأما تعبير الأصحاب بأن لا يكون كثير السفر فليس على ما ينبغي، إذ لا يستفاد من الأخبار بعد وضع خصوص موارد النص إلا من ذكرنا، اللهم إلا أن يقال بأنه يحصل الجزم من تتبع تلك الأخبار بأن المناط هو كثرة السفر كما يشعر بذلك رواية محمد بن جزك الآتية (1).
ولكن مآل ذلك أيضا يرجع إلى ما ذكرنا، إذ كثرة السفر بعنوان الاتفاق لا يؤثر، والظاهر أن ذلك يكون اتفاقيا، فمنظور الأصحاب أيضا كثرة السفر التي يكون ملحوظ المسافر في أول الأمر، فحينئذ لو ثبت ذلك القطع بالعلية وعلم فرد لهذا خارجا عما نص عليه فلإطلاق كلام الأصحاب وجه، وإلا فلا.
واشتراط التقصير بهذا الشرط هو المشهور بين الأصحاب، وخالف في ذلك ابن أبي عقيل، فإن ظاهره القول بوجوب التقصير على كل مسافر على ما نقل عنه (2). والأول أقوى.
لنا: ما رواه المشايخ الثلاثة بطرق صحيحة عن زرارة قال: قال أبو جعفر (عليه السلام):
أربعة قد يجب عليهم التمام في السفر كانوا أو في الحضر: المكاري والكري والراعي والاشتقان لأنه عملهم (3).