منهاج أجمع العلماء كافة على اشتراط التقصير بالمسافة، واختلفوا في التقدير:
فذهب علماؤنا إلى أن المسافة التي يجب فيه التقصير بريدان ثمانية فراسخ أربعة وعشرون ميلا، ولا يجوز التقصير في الأقل من ذلك.
قال المرتضى (رضي الله عنه) في الانتصار: ومما انفردت به الإمامية تحديدهم السفر الذي يجب فيه التقصير في الصلاة بريدان والبريد أربعة فراسخ والفرسخ ثلاثة أميال وكان المسافة أربعة وعشرون ميلا (1).
وقال العلامة في التذكرة: وإنما يجب التقصير في ثمانية فراسخ، فلو قصد أقل لم يجز التقصير إجماعا (2).
وقال في المدارك: ذهب علماؤنا أجمع إلى أن التقصير إنما يجب في مسيرة يوم بريدين أربعة وعشرون ميلا (3). حكى ذلك جماعة منهم المصنف في المعتبر والمدعى من نقل تلك الاجماعات أن منها يظهر أن إجماع الإمامية منعقد على أنه لا يجوز القصر في أقل من هذا المقدار وإنما خلافهم في كيفيته، وربما اشتبه ذلك على بعضهم فحسب أن ما يجب اعتباره في حد المسافة ليس أزيد من ذلك عند الإمامية وإن كانوا مختلفين في الأقل. وأنت خبير بأن تلك الاجماعات تنادي بحصر الأقل في ذلك، وأما الكيفية فاعلم أنه لا خلاف بين أصحابنا في وجوب القصر إذا كان المسافة ثمانية فراسخ ممتدة، وإنما خلافهم فيما إذا كان المسافة أربعة فراسخ وأراد الرجوع فاعتبر جماعة من الأصحاب الرجوع ليومه منهم المرتضى (4) وابن إدريس (5) والفاضلان (6) فحكموا بوجوب التقصير حينئذ. وذهب