لا محالة يأتي بكل واحد بداعي احتمال الامر.
واما ساير الوجوه من دعوى، اخلال الاحتياط بقصد الوجه والتمييز، وكون الاحتياط لعبا وعبثا، فلا تجرى في المقام، اما الأول، فلان دليل اعتباره لم يكن الا الاجماع غير الثابت في المقام إذ المشهور عدم اعتباره هنا.
وما ذكره المتكلمون من أن حسن الافعال انما يكون، بالعناوين القصدية وحيث انها في العبادات غير معلومة، فلا بد من الإشارة الاجمالية إليها بالاتيان بها بقصد الوجه.
غير جار في الاجزاء إذ قصد وجوب مجموع العمل يكفي في قصد ذلك العنوان الحسن، ولا حاجة إلى قصد وجه الجزء، والجزء بما هو لا يكون معنونا بعنوان حسن مستقل كي يلزم قصده.
وبما ذكرناه ظهر وجه عدم جريان الوجه الثاني، واما الثالث: فلان الاحتياط غير المستلزم لتكرار العمل لا يعد لعبا ولا مجال لتوهم عده كذلك.
المسألة الثالثة: ما إذا لم يكن الاحتياط مستلزما للتكرار، فان كان التكليف استقلاليا وكان أصل الطلب معلوما، كما إذا شك في أن غسل الجنابة واجب نفسي أو مستحب كذلك، فالظاهر أنه لا اشكال في الاحتياط باتيان المحتمل بداعي الامر المعلوم وجوده، ولا يكون هناك ما يوجب المنع عن الاحتياط سوى ما نشير إليه وستعرف ما فيه.
وقد استدل للمنع بوجوه: 1 - الاجماع 2 - كونه مخلا بقصد الوجه والتمييز 3 - ان الانبعاث عن البعث المحتمل انما ينطبق عليه عنوان الإطاعة إذا لم يتمكن من الجزم بالامر، وقد مر الكلام في الجميع، ويضاف إليه انه لو سلم اعتبار قصد العنوان الخاص الذي يصير الفعل حسنا به لا ينحصر ذلك بقصد الوجه خصوصا بقصد خصوصية الوجوب، أو الاستحباب، بل يمكن الإشارة إليه بقصد الامر المحرز على الفرض.
هذا كله في فرض التمكن من الامتثال التفصيلي العلمي، وأما إذا لم يتمكن منه ودار الامر بين الاحتياط والامتثال التفصيلي الظني، فتارة يكون الظن مما ثبت اعتباره بالخصوص، وأخرى يكون مما ثبت الاكتفاء به بدليل الانسداد، وثالثة مما لم يثبت اعتباره.