أحدهما: ان محل البحث في الجهة الأولى انه هل يكون لكل تكليف متعلق بعمل المكلف، اقتضائان، أحدهما الموافقة العملية، وثانيهما الموافقة الالتزامية، ويترتب على المخالفة عملا، والتزاما عقابان، وعلى الموافقة كذلك ثوابان، وعند التكليف ثواب وعقاب، أم ليس له الا اقتضاء واحد.
الامر الثاني: في بيان حقيقة الالتزام، وهي في غاية الخفاء بيانا وواضح دركا، والذي يمكن ان يقال، انه زايدا على الصورة الحاصلة للشئ عند النفس الذي هو القطع، والعمل الخارجي، للنفس شئ آخر نسبتها إليه نسبة التأثير والايجاد، ويكون هو فعلها، ويعبر عنه بالعلم الفعلي وذلك الشئ عبارة عن الالتزام وهو من جهة كونه نحوا من الوجود لا يمكن بيان حقيقته، الا انه مما يساعده الوجدان، ويشهد به قوله تعالى " وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم " (1) حيث إنه يدل على أنهم انهم مع كونهم عالمين بنبوة نبينا (صلى الله عليه وآله)، لم يكونوا منقادين له قلبا ولا مقرين بها باطنا، إذا عرفت الامرين فيقع الكلام في الجهتين.
اما الجهة الأولى: فيمكن ان يستدل لعدم وجوب الموافقة الالتزامية بان التكليف إذا تعلق بفعل خارجي غاية ما يستكشف منه وجود مصلحة لازمة الاستيفاء في الفعل ويعلم منه ان الغرض من التكليف جعل ما يمكن ان يكون داعيا إلى العمل الخارجي لأجل تحصيل تلك المصلحة الملزمة، فالعقل الحاكم في باب الامتثال انما يحكم بلزوم اتيان ما فيه المصلحة خاصة وهو الفعل الخارجي، فلا يقتضى التكليف الالتزام قلبا، ولعله إلى هذا نظر صاحب الكفاية، حيث قال لشهادة الوجدان الحاكم في باب الإطاعة والعصيان بذلك.
وكيف كان هذا الوجه لا يثبت عدم الوجوب حتى يعارض ما استدل به للوجوب لو تمت دلالته فالعمدة التعرض لأدلة الوجوب فان لم يتم شئ منها يكون المرجع ما ذكرناه، فقد استدل له بوجوه.
.