الثاني: ان الضرر من العناوين الثانوية للحكم، لأنه من المسببات التوليدية، والمسبب التوليدي ينطبق على السبب، فان قيل إن ما ذكر يتم في مثل لزوم العقد الذي هو السبب للضرر، ولا يتم في مثل وجوب الوضوء على من يتضرر به، فان السبب هو الوضوء، ووجوبه من قبيل المعد، قلنا: ان إرادة المكلف حيث كانت مقهورة في عالم التشريع لهذا البعث والجعل، وقد اشتهر ان الممتنع الشرعي، كالممتنع العقلي، واللابدية الشرعية، كاللابدية العقلية، فبالآخرة ينتهى الضرر إلى البعث والجعل كانتهاء المعلول الأخير إلى العلة الأولى لا كانتهائه إلى المعد، فالعلة التامة لوقوع المكلف في الضرر هي الجعل الشرعي.
الثالث: ان اسناد النفي إلى الحكم حقيقي، ويكون النفي مستعملا في معناه الحقيقي بلا رعاية عناية، بخلاف اسناده إلى الموضوع فإنه يحتاج إلى رعاية عناية.
فنتيجة هذه الأمور ظهور قوله (ص) لا ضرر ولا ضرار، في إرادة نفى الحكم الضرري، فإنه بذلك يتحفظ على ظهور لا النافية في ما هو معناه الحقيقي، من دون ان يلتزم بخلاف الظاهر في مدخولها، بان يكون من قبيل استعمال المسبب وإرادة سببه، كي : يرد عليه ما افاده المحقق الخراساني، بأنه ليس من الشايع المتعارف في المحاورات التعبير عن نفى السبب بنفي مسببه، لما ذكرناه من أن الضرر عنوان ثانوي للحكم، ونفى العنوان الثانوي وإرادة العنوان الأولى، ليس من باب المجاز فان اطلاق المسبب التوليدي على سببه شايع متعارف في المحاورات العرفية.
في كلامه مواقع للنظر 1 - ما افاده من انطباق المسبب التوليدي على سببه الذي قد مثل، له بانطباق الا يلام على الضرب، والاحراق على الالقاء في النار: فإنه يرد عليه ما تقدم من أنهما موجودان بوجودين، وليسا من قبيل العنوانين المنطبقين على المعنون الواحد، والا يلام، والاحراق ليسا مسببين، بل المسبب هو الا لم، والحرقة، وبديهي عدم انطباقهما على الضرب والالقاء.
2 - ما ذكره من أنه من جهة مقهورية العبد في الإرادة، يكون وساطتها، كوساطة الامر غير الاختياري، غير مانع من استناد المعلول إلى علته الأولى، فإنه يرد عليه، ما تقدم