الحكم بلسان نفى الموضوع، انما يصح في موارد ثلاثة.
الأول: كون الموضوع المنفى بنفسه، ذا حكم شرعي بحسب، عموم دليل أو اطلاق شامل له كما في قول الإمام أمير المؤمنين (ع) ليس بين الرجل وولده ربا، وليس بين السيد وعبده ربا (1) فان الربا محكوم بالحرمة بحسب الأدلة، فيكون حينئذ دليل النفي ناظرا إلى نفى شموله له بنفي انطباق موضوعه عليه.
الثاني: كون العنوان المنفى علة للفعل الذي هو موضوع للحكم بحسب عموم دليل أو اطلاق، كما في قول رسول الله (ص) رفع عن أمتي تسعة أشياء، الخطاء، والنسيان الحديث (2) فيكون النفي، نفيا للمعلول، بلسان نفى علته فيدل على أن الفعل الصادر في حال الخطاء أو النسيان، كأنه لم يصدر في الخارج فيرتفع عنه الحكم.
الثالث: ما إذا كان العنوان المنفى عنوانا ثانويا للموضوع ذي حكم، كعنوان الطاعة، في قوله (ع) لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (3).
والمقام لا يكون من قبيل شئ من هذه الموارد، اما الأول فلانه ان أريد نفى الحكم المترتب على الضرر بنفسه، لادى ذلك إلى خلاف المقصود، ويستلزم جواز الاضرار بالغير، لعدم كونه حينئذ ضررا شرعا، أضف إليه ان موضوع الحكم يمتنع ان يكون رافعا له لكونه مقتضيا له، وان أريد منه نفى الحكم المترتب على الفعل المعنون بعنوان الضرر، فيرده ان الضرر ليس عنوانا للفعل، بل هو مسبب عنه ومترتب عليه.
واما الثاني: فلان الضرر ليس علة للفعل، بل هو معلول له ومسبب عنه.
واما الثالث: فلما أشير إليه من أن الضرر لا يحمل على الفعل الخارجي، كالوضوء، والصوم، وما شاكل، بل هو مسبب عنه ومترتب عليه، وعلى الجملة ما هو موضوع الحكم، هو العنوان المنطبق على الفعل الخارجي لم يرد عليه النفي، وما ورد عليه النفي لم يرفع حكمه قطعا.