باب التفاعل بعد اشتراكهما في أنهما فعل الاثنين، ان باب المفاعلة هو فعل الاثنين، مع الأصالة من طرف والتبعية من طرف آخر، وباب التفاعل هو فعل الاثنين مع الأصالة والصراحة من الطرفين مما لا أصل له، كما يشهد به الاستعمالات الصحيحة القرآنية وغيرها، فان فيها ما لا يصح ذلك فيه، وفيها ما لا يراد منه ذلك منه ذلك كقوله تعالى " يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون الا أنفسهم " (1) فان الغرض نسبة الخديعة منهم إلى الله تعالى، والى المؤمنين لا منهما إليهم، وقوله تعالى " ومن يهاجر في سبيل الله " (2) ويرائون، وناديناه، ونافقوا، وشاقوا، ولا تؤاخذني، إلى غير ذلك، وان مفاد هيئة المفاعلة غير مفاد هيئة التفاعل، وانه لا يتقوم بطرفين، بل هيئة المفاعلة وضعت لإفادة ان التعدية إلى الاخر ملحوظة في مقام إفادة النسبة، بخلاف هيئة المجرد، فان تلك الحيثية ولو كانت داخلة في مفادها كما في الفعل المجرد الثلاثي، كخدع غير ملحوظة، فإذا فعل فعلا كان اثره خداع الغير، صدق عليه انه خدعه لا انه خادعه، الا إذا تصدى لخديعته فالضرار هو التصدي للاضرار.
فان هذه الأمور ليست برهانية بل لا بد فيها من الرجوع إلى أهلها، وقد صرح أهل الفن، بان الأصل في باب المفاعلة ان يكون فعل الاثنين، واستعمال تلك الهيئة في غير ذلك انما يكون مع القرينة، كما في الأمثلة المشار إليها.
بل الوجه في إرادة المعنى الأخير في الحديث، ان فعل الاثنين لا ينطبق على مورده للتصريح فيه بان سمرة مضار، ولم يقع المضارة بين الأنصاري، وسمرة، كما أن إرادة المجازاة لا تنطبق عليه، مضافا إلى عدم تعاهدها من هذه الهيئة، والتأكيد المحض خلاف الظاهر، والضيق ليس معناه قطعا كما هو واضح.
فيتعين ما افاده وهو الذي يظهر بالتتبع في موارد استعماله، مع القرينة على عدم إرادة فعل الاثنين، كقوله تعالى " ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا (3) " فان قوله لتعتدوا شاهد