بقى الكلام في الوجه السادس وحاصل ما أفيد في وجهه، ان هذه الحكم ليس حكما تشريعيا بل هو حكم سلطاني حكم به (ص) لمقام سلطنته الممضاة، من قبل الله تعالى، بمنع اضرار الناس بعضهم ببعض.
توضيحه ان للنبي (ص) مقامات ثلاثة 1 - مقام النبوة، وتبليغ الرسالة، وهو من هذه الجهة مبين للمعارف وحاك للأحكام الشرعية 2 - مقام القضاوة، وهو انما يكون في مقام تنازع الناس في الحقوق والأموال 3 - مقام السلطنة والرئاسة، كنصب امراء الجيوش والقضاء وأشباه ذلك.
ومن المعلوم ان حكمه (ص) في قضية سمرة بنفي الضرر ليس من الأول، ولا الثاني:
إذ لم يكن لسمرة ولا للأنصاري، شك في الحكم التكليفي أو الوضعي، أو تنازع في حق اختلفا فيه من جهة اشتباههما في المصاديق أو الحكم، وانما اشتكى الأنصاري وتظلم وانتصر منه (ص) بما انه سلطان على الأمة، فامر (ص) بقلع النخلة حسما لمادة الفساد، وعقبه بلا ضرر ولا ضرار، فهذا حكم سلطاني عام بعد الحكم الخاص، ومفاده انه لا يضر أحد غيره في حوزة رعيتي والتابعين لي، لا بما انه حكم من الأحكام الشرعية بل بما انه حكم من قبل السلطان.
ويرد على أمور 1 - ان مال هذا الوجه، إلى الوجه الأول وهو، إرادة النهى من النفي، وكونه في مقام بيان تحريم الا ضرار، فيرد عليه جميع ما أوردناه على الوجه الأول.
2 - ان هذا الموضوع الكلى الذي حكم عليه، بحكم سلطاني، هل له حكم شرعي، أم لا حكم له؟ لا سبيل إلى الثاني: لما ثبت بالضرورة انه (ص) لم يدع موضوعا الا وبين حكمه وعلى الأول، كان حكمه الجواز، أو المنع، لا وجه لتوهم الأول، فيتعين الثاني، ومعه لا يبقى مورد للحكم السلطاني.
3 - ان اعمال السلطنة انما يكون في الموارد الخاصة التي ترتبط بمصالح الأمة مما