البيان الذي كون عدمه موضوع هذا الحكم العقلي ليس هو ايصال التكليف إلى العبد قهرا، بل المراد بيانه على الوجه المتعارف وجعله مبرئ من العبد ومسمح، بحيث لو تفحص عنه لظفر به، فلو كان الحكم مبينا من قبل المولى ولم يتفحص عنه العبد صح العقاب على مخالفته فلا يكون عقابه بلا بيان.
واما المورد الثاني: فلا اشكال أيضا في عدم اعتبار الفحص في جريان البراءة الشرعية في الشبهات الموضوعية: لاطلاق أدلتها، وعدم ما يوجب تقييده، واما في الشبهات الحكمية فقد استدل للزوم الفحص بوجوه.
الأول: انصراف الاطلاقات إلى الشك المستقر الذي لا يكون في معرض الزوال بالفحص عن الأدلة فلا تشمل الشبهات قبل الفحص.
وفيه: ان هذه دعوى بلا بينة ولا برهان كيف وقد تمسك الأصحاب بها في الشبهات الموضوعية قبل الفحص، وهذه آية عدم الانصراف، فمقتضى الاطلاقات هو عدم لزوم الفحص، وبه يظهر ان عدم لزوم الفحص في الشبهات الموضوعية انما يكون على القاعدة، نعم ورد الدليل الخاص على لزومه في بعض الموارد كمسألة النصاب في الزكاة وغيرها.
الثاني: الاجماع، وفيه: انه لمعلومية مدرك المجمعين لا يكون كاشفا عن رأى المعصوم (ع).
الثالث: العلم الاجمالي بوجود واجبات ومحرمات في الموارد المشتبهة في مجموع ما بأيدينا من الاخبار مع كونها على نحو لو تفحصنا عنها لظفرنا بها، ومقتضى ذلك عدم جريان البراءة في شئ من المسائل قبل الفحص.
وأورد عليه بايرادين 1 - انه أعم من المدعى إذ المدعى لزوم الفحص في خصوص ما بأيدينا من الاخبار، والمعلوم بالجمال أعم من ذلك: فان من أطراف هذا العلم الاخبار غير المدونة في الكتب المعتبرة فالفحص فيما بأيدينا من الاخبار غير نافع.
وفيه: ان العلم الاجمالي الكبير ينحل إلى علم اجمالي صغير، وهو وجود واجبات ومحرمات في خصوص ما بأيدينا من الاخبار والشك في وجود غيرها في غير ما بأيدينا: