وأجاب عنه الشيخ وتبعه المحقق الخرساني (ره) بأنه وان لم تجر البراءة في موارد جريان قاعدة نفى الضرر الا انه حقيقة لا يبقى لها مورد بداهة ان الدليل الاجتهادي يكون بيانا وموجبا للعلم بالتكليف ولو ظاهرا، فان كان المراد من الاشتراط ذلك فلا بد من اشتراط ان لا يكون على خلافها دليل اجتهادي، لا خصوص قاعدة الضرر.
أقول: الظاهر أن نظر الفاضل التوني ليس إلى أن قاعدة نفى الضرر جارية في تلك الموارد، ولذلك لا تجرى البراءة، فإنه لا تكون مجرى قاعدة نفى الضرر لوقوع الضرر فيها لا محالة اما على المالك أو على المتلف، إذ لو حكم بالضمان تضرر المتلف ولو حكم بعدمه تضرر المالك.
بل الظاهر أن نظره إلى ما ذكرناه في حديث الرفع من أنه وارد مورد الامتنان، وهو انما يرفع الحكم الذي في رفعه منة على الأمة، فبالطبع لا يجرى فيما إذا لزم من جريان البراءة تضرر مسلم أو من بحكمه: إذ لا امتنان في مثل ذلك على الأمة في رفع الحكم، وعليه فما افاده متين لا يرد عليه ما ذكراه، واما البحث في أنه في تلك الموارد هل يكون مقتضى قاعدة الاتلاف هو الضمان أم لا؟ فهو موكول إلى محل آخر، وعلى أي تقدير لا تجرى البراءة عن الضمان.
الشرط الثاني: ان لا يكون موجبا لثبوت حكم شرعي من جهة أخرى، ومثل لذلك بان يقال في أحد الانائين المشتبهين الأصل عدم وجوب الاجتناب عنه، فإنه يوجب الحكم بوجوب الاجتناب عن الاخر، أو عدم بلوغ الملاقى للنجاسة كرا، أو عدم تقدم الكرية حيث يعلم بحدوثها على ملاقاة النجاسة: فان اعمال الأصول يوجب الاجتناب عن الاناء الاخر أو الملاقى أو الماء.
أقول: ان ثبوت حكم شرعي من جهة أخرى يتصور على اقسام.
الأول: ان لا يكون بينهما ترتب شرعا ولا عقلا الا ان العلم الاجمالي أوجب ذلك بينهما، كما في المثال الأول الذي ذكره الفاضل التوني، فإنه لا ترتب بين طهارة أحدهما ونجاسة الاخر الا من ناحية العلم الاجمالي بنجاسة أحدهما ففي مثل ذلك لا تجرى البراءة، لا لما افاده فان الأصل ليس حجة في مثبتاته، بل لابتلائه بالمعارض، واما المثالان