فان قيل إن ما ذكر يتم إذا كان الدليل المثبت للجزئية أو الشرطية بلسان الوضع مثل لا صلاة الا بفاتحة الكتاب، وأما إذا كان بلسان الامر والتكليف كقوله اركع في الصلاة فلا يتم: لان هذا التكليف كساير التكاليف مختص بحكم العقل بحال التذكر، ولا يعقل شموله لحال النسيان فالجزئية المستفادة منه تبعية وتختص بحال الذكر أيضا.
أجبنا عنه بان هذه الأوامر ليست أوامر بعثية ومستقلة، بل تكون ارشادية إلى دخالة متعلقاتها في المركب، وفى الملاكات.
ودعوى: ان مقتضى حديث رفع النسيان الغاء جزئيته أو شرطيته في هذه الحال، وبه يثبت صحة الماتى به ومطابقته للمأمور به.
مندفعة: بما تقدم من أنه لا يترتب عليه، سوى رفع الامر بالمركب من المنسى، ولا يثبت به الامر بغيره لان رفع الجزئية انما يكون برفع منشأ انتزاعها وهو الامر بالمركب.
مع أن نسيان جزء أو شرط في فرد من الواجب ليس موردا لحديث الرفع راجع ما حققناه في ذلك المبحث.
ثم انه قد أجيب عن أصل الاشكال بوجوه، الأول: ما يظهر من الشيخ الأعظم (ره) وهو ان الجزئية لا تكون منتزعة عن الامر الغيري، بل هو مسبب عنها فانتفائه في حق الغافل عنه لا يقتضى انتفاء الجزئية - نعم - لو كانت الجزئية أو الشرطية منتزعة عن الحكم التكليفي كوجوب ليس غير الحرير صح ما ذكر.
وفيه: - أولا ان الجزئية للوافي بالغرض وان كان سببا للامر الغيري وليس الامر مسببا عنها، الا ان الجزئية للمطلوب والمأمور به التي هي مورد الأثر في المقام تكون مسببة عن تعلق حصة من الامر بالجزء - وثانيا - انه لو تم ذلك وسلم كون الامر مسببا عن الجزئية، فعدم الامر وان لم يكن كاشفا عن عدم الجزئية لكنه لا كاشف عن الجزئية: فان سعة دائرة المنكشف وضيقها في مقام الاثبات تابعتان لسعة دائرة الكاشف وضيقها.
الثاني: ما عن المحقق العراقي (ره) وهو ان حكم العقل بقبح تكليف الناسي انما يكون من قبيل الأحكام النظرية التي لا ينتقل الذهن إليها الا بعد، الالتفات والتأمل في المبادئ التي أوجبت حكم العقل فيدخل حينئذ في القرائن المنفصلة المانعة عن