وفيه: ان متعلق التكليف في الواجب التخييري، اما ان يكون كل من فردي الواجب متعلقا للتكليف مشروطا بعدم الاتيان بالآخر، أو يكون هو الجامع بينهما، غاية الامر ان كان بين الفردين جامع حقيقي فهو المتعلق للتكليف، والا فالمتعلق هو الجامع الانتزاعي المعبر عنه بأحد الشيئين، أو أحد الأشياء على اختلاف المسلكين في الواجب التخييري.
اما على الأول: فالشك في كون شئ واجبا تعيينيا، أو تخييريا، يرجع إلى الشك في وجوبه مع الاتيان، بما يحتمل كون عدلا له، بعد العلم بوجوبه في صورة عدم الاتيان به، ولا ريب في أن ذلك وجودي، ومورد للبرائة، وان شئت فقل ان وجوبه عند ترك ما يحتمل كونه عدلا له، معلوم، ووجوبه في فرض عدم الاتيان به مشكوك فيه، فيجرى فيه البراءة ويثبت بها عدم وجوبه في تلك الحالة، فيثبت التخيير.
واما على الثاني: فالعلم بكون الواجب تعيينيا، أو تخييريا، عبارة عن العلم بتعلق التكليف بالجامع، والشك في كونه لا بشرط، أي كونه مطلقا، أو بشرط شئ وبنحو التقييد، والاعتباران أي اللابشرطية، وبشرط شيئية وان كان متقابلين ولا يكون شئ منهما متيقنا، الا انه عرفت غير مرة، ان أصالة البراءة عن التقيد، غير معارضة بأصالة البراءة عن الاطلاق لان الاطلاق يوجب التوسعة، لا التضييق، فلا يشمله دليل البراءة، فيجرى الأصل في التقيد، وبه ينحل العلم الاجمالي، فإذا ثبت عدم التقيد، لا يكون الشك شكا في سقوط التكليف المنجز، فلا يكون مورد القاعدة الاشتغال، بل بعد ارتفاع احتمال التقيد لا يبقى شك في الامتثال.
فالمتحصل مما ذكرناه انه لا وجه للقول بأصالة التعيين في هذا القسم، بل المرجع أصالة البراءة عن الالزام باتيان خصوص ما يحتمل كونه واجبا تعيينيا.
وبذلك يظهر ان الوجه الثاني الذي ذكره المحقق النائيني (ره) لعدم جريان البراءة الشرعية في المركبات التحليلية فيما إذا كان يحتمل دخله في المأمور به مقوما له - غير تام - ففي جميع موارد دوران الامر بين الأقل والأكثر تجرى البراءة العقلية، والشرعية عن وجوب الأكثر.