يكون داعيا ومحركا لإرادة العبد بحيال ذاته ولا معنى لتشريع حكم لا يصلح الانبعاث عنه ولو في مورد، وفى مثل اكرام العالم وأكرم الهاشمي مما تكون النسبة بينهما عموما من وجه كل من الحكمين يصلح للباعثية ولو في مورد الافتراق، وفى صورة الاجتماع يلزم التأكد، فلا مانع من تشريع هذين الحكمين، بخلاف المقام فإنه لو فرض ان للخمر حكم ولمعلوم الخمرية أيضا حكم، فبمجرد العلم بخمرية شئ يعلم بوجوب الاجتناب عنه الذي فرض انه رتب على ذات الخمر فيكون هو المحرم الباعث للاجتناب، والحكم الاخر المرتب على معلوم الخمرية، لا يصلح لان يكون باعثا، ويلزم لغوييه وليس له مورد اخر، يمكن استقلاله في الباعثية وذلك واضح بعد ما كان العالم لا يحتمل المخالفة.
وأضاف الأستاذ الأعظم إلى ذلك، ان الحكم ان كان مترتبا على ما يشمل التجري، والمعصية، كان جعل هذا الحكم مستلزما للتسلسل، إذا التجري أو العصيان قبيح عقلا على الفرض، وقبحهما يستتبع الحرمة الشرعية، وعصيان هذه الحرمة، أو التجري فيها أيضا، قبيح عقلا، والقبح العقلي مستلزم للحرمة الشرعية وهكذا إلى ما لا نهاية له.
ولكن يرد على المحقق النائيني (ره) انه في مورد الاجتماع، اما ان يكون جعل التكليف الثاني صحيحا لترتب الأثر عليه، أو لا يكون كذلك فان كان صحيحا فلا يفرق فيه، بين ان يتعلق التكليف به خاصا، أو بما يعمه، وان لم يكن صحيحا فلا يصح، ولو بان يتعلق بعنوان أعم منه، - وبعبارة أخرى - بما ان المانع عن التكليف الثاني المتعلق بعنوان الاجتماع حينئذ، مانع ثبوتي، وهو عدم امكان داعويته، فلا يصح ولو بان يتعلق بعنوان أعم، إذ امكان داعويته، في مورد الافتراق، لا يصحح التكليف في مورد الاجتماع كما لا يخفى.
والحق انه في الموارد التي نلتزم فيها بالتأكد، لا فرق بين ان يكون النسبة بين العنوانين عموما من وجه، أو تكون عموما مطلقا، فإنه في المورد الثاني أيضا يصح جعل التكليف الثاني، ولا يكون لغوا، إذ يمكن ان يكون العبد ممن لا ينبعث عن التكليف الواحد، وينبعث لو تعدد، لازدياد العقاب على المخالفة، والثواب على الموافقة، فعلى