انه شرب الخمر، وتخلفه انما يكون من باب تخلف الداعي، ولا يوجب كون الشرب المتحقق خارجا عن الاختيار.
ثم إن في المقام وجها خامسا لعدم القبح، وهو انه لو التزم بقبح الفعل المتجرى به، لزم انقلاب الواقع عما هو عليه، أو اجتماع الحسن والقبح في مورد واحد، إذا كان الفعل المتجرى به في الواقع من الافعال الحسنة وكل منهما محال.
وفيه: أولا، ان الفعل بما له من العنوان واقعي المجهول للفاعل لا يكون حسنا ولذا لو تركه كان معذورا، الا ترى انه لو ضرب اليتيم للتشفي وترتب عليه التأديب، لا يكون الضرب حسنا بوجه، بل هو قبيح محض. وثانيا: انه لو سلم كونه حسنا لا يلزم اجتماع الضدين بل يقع التزاحم بينهما ويقدم الأقوى، ومع التساوي، يحكم بأنه لا حسن فيه ولا قبح، وعلى أي تقدير هذا الوجه، لا يمنع من كون التجري بنفسه من العناوين القبيحة.
ثم إن المحقق النائيني (ره) بعد ما التزم بعدم قبح الفعل مستندا إلى الوجه الأول من الوجوه التي استند إليها المحقق الخراساني قال نعم، لا باس بدعوى القبح الفاعلي بان يكون صدور هذا الفعل من مثل هذا الفاعل قبيحا وان لم يكن الفعل قبيحا.
وفيه: مضافا إلى ما عرفت آنفا من أن القبح انما هو لعنوان التجري، والهتك، والظلم المنطبق، على الفعل المضاف: انه لو سلم عدم قبح الفعل وأغمض عما ذكر لما كان، وجه للالتزام بالقبح ألفا على إذا إضافة الفعل إلى الشخص، - وبعبارة أخرى - ايجاده، عين وجوده حقيقة لما حقق في محله من، اتحاد الايحاد والوجود، فلا معنى للقول بعدم قبح الوجود، وقبح الايجاد.
و بهذا يظهر عدم صحة ما ذكره المحقق العراقي (ره) في مقام الجواب عنه، من أن لازم مبغوضية إضافة الفعل مبغوضية نفس الفعل، لكونه مقدمة للإضافة المذكورة. نعم، لو كان الفعل غير الإضافة المذكورة كان هذا الجواب متينا جدا - وبالجملة - لا بد من الالتزام اما بعدم القبح، كما عن المحقق الخراساني، أو القبح الفعلي كما حققناه في الجواب عن استدلال المحقق الخراساني على مختاره، واما الالتزام بالقبح الفاعلي فلا وجه له أصلا.