وفيه: ان الإرادة ملتفت إليها واختيارية بنفسها.
والحق في الجواب بمنع تلك المقدمة بان يقال ان التكليف لا بد، وان يتعلق بما فيه المفسدة أو المصلحة، ولأجل ذلك متعلق للغرض، ولا ريب ان ما فيه المصلحة أو المفسدة انما هو الفعل غاية الامر اما لا مصلحة أو لا مفسدة في الفعل غير الصادر عن الاختيار، أو انه من جهة عدم امكان التكليف بما لا يطاق، يكون المتعلق هو الفعل الصادر عن الاختيار، لا الاختيار نفسه، وعليه فإذا اختار شرب الخمر ولم يشربه لما أوجد المنهى عنه، فالحق ان الموضوعات هي الأشياء بوجوداتها الواقعية.
واما الكلام في الجهة الثانية وهو انه قد يدعى حرمة الفعل المتجرى به يملك الجرئة على المولى: واستدل له بان تعلق القطع بحرمة فعل، أو بموضوع معلوم الحرمة كالخمر، يوجب قبح ذلك الفعل، والقطع بحسن عمل بوجب حسنه، فبضميمة قاعدة الملازمة، يحكم بحرمته في الأول، ووجوبه في الثاني فهنا دعويان. الأولى ان القطع بقبح فعل أو حسنه من الوجوه المقبحة أو المحسنة الثانية ان قبح الفعل يستتبع حرمة شرعية، وحسنه يستتبع وجوبا شرعيا، اما الدعوى الأولى فقد مر الكلام فيها في المقام الثاني وعرفت انها تامة، والكلام في المقام في خصوص الدعوى الثانية.
فقد أورد عليه المحقق النائيني (ره) بما حاصله ان الخطاب المدعى استكشافه بقاعدة الملازمة ان كان مختصا بالمتجري ومن خالف قطعه للواقع، فمضافا إلى أنه تخصيص بلا وجه بعد اشتراك القبح الفاعلي بين صورة المصادفة للواقع، والمخالفة له، يكون غير ممكن، لان الالتفات إلى الموضوع مما لا بد منه والمتجري لا يعقل ان يلتفت إلى أنه متجر لأنه الالتفات يخرج عن كونه متجريا، فتوجيه الخطاب على وجه يختص بالمتجري لا يمكن، وان كان الخطاب على وجه يعم صورة المصادفة والخالفة، بان ينهى عن هتك المولى مثلا، فهو أيضا لا يمكن لاستلزامه اجتماع المثلين دائما في نظر القاطع، وان لم يلزم ذلك في الواقع لان النسبة بين حرمة الخمر الواقعي، ومعلوم الخمرية، هي العموم من وجه، وفي مادة الاجتماع يتأكد الحكمان: إذا القاطع يرى قطعه مصادفا للواقع فدائما يجتمع في نظره حكمان، وكل من هذين الحكمين لا يصلح ان