فالحق في وجه ذلك يبتنى على مقدمتين الأولى ان التكليف تأكيديا كان أم غير تأكيدي، - وبعبارة أخرى - كان في مورده تكليف آخر أم لم يكن، كان دليله المثبت حكم العقل، بضميمة قاعدة الملازمة أم كان دليلها الكتاب والسنة، لا بد وان يترتب عليه ثمرة، والا جعله يكون لغوا، وصدوره من الحكيم محال.
الثانية: ان العناوين الحسنة قسمان، الأول: ما لا يكون مرتبطا بالمولى من حيث إنه مولى كالاحسان إلى الغير والظلم عليه. الثاني: ما يكون له ارتباط خاص بالمولى من حيث إنه مولى كإطاعته والانقياد له. وفى الأول لو لم يتعلق به الامر المولوي لا وجه لعقاب المولى على المخالفة ولا الثواب على لا موافقة، ولا يوجب الفعل قربا إلى المولى، ولا الترك بعدا عنه. واما في الثاني، فتصح العقوبة على المخالفة والثواب على الموافقة ويوجب الفعل قربا إليه والترك بعدا عنه.
إذا عرفت هاتين المقدميتن، فاعلم أن الامر والطلب حيث لا يصح الا فيما يوجب الثواب على الموافقة والعقاب على المخالفة والتمكن من التقرب إلى المولى بالموافقة بحيث لولاه لما كان في المبين ان يتقرب به أو فيما يوجب ازدياد الثواب و العقاب، والا يكون التكليف لغوا، فلا يصح الامر المولوي في المقام لترتب هذه الآثار على نفس الموضوع بل هو الموضوع لهذه الآثار دون الامر كما لا يخفى.
قال المحقق الخراساني (ره) في الكافية ثم لا يذهب عليك ان التكليف ما لم يبلغ مرتبة البعث والزجر لم يصر فعليا وما لم يصر فعليا لم يكد يبلغ مرتبة التنجز واستحقاق العقوبة على المخالفة وان كان ربما يوجب موافقته استحقاق المثوبة انتهى.
فيه: ان التفكيك بين الثواب والعقاب، لا وجه له: إذا الحكم ان كان فعليا فموافقته توجب الثواب ومخالفته توجب العقاب، وان لم يكن فعليا فان كانت المصلحة تامة ملزمة وانما لم يؤمر به لمانع في الامر غير المفسدة، كالفعلة في المولى العرفي، فمخالفته توجب العقاب كما أن موافقته توجب الثواب، من جهة تفويت الغرض الملزم، وان كان لم يؤمر به لمانع من قبيل المفسدة في الامر فمخالفته، وان كانت لا توجب العقاب الا ان موافقته أيضا لا توجب الثواب فتدبر.