التقريب الثاني: التمسك باستصحاب عدم جعل الشارع هذا الحكم الإلزامي توضيحه، انه لا ريب في أن الأحكام الشرعية تكون تدريجية في جعلها، فهذا الحكم المشكوك فيه لم يكن مجعولا في زمان قطعا فيشك في ذلك فيجرى استصحاب عدم الجعل ما لم يتيقن به وأورد عليه بايرادات.
الأول: ما عن المحقق النائيني (ره) وهو ان المتيقن هو، العدم غير المنتسب إلى الشارع، أي العدم المحمولي الثابت قبل الشرع والشريعة، والعدم المشكوك فيه هو العدم النعتي المنتسب إلى الشارع، واستصحاب العدم المحمولي لا ثبات العدم النعتي من الأصل المثبت الذي لا نقول به.
وفيه: ما عرفت من أن جعل الأحكام كان تدريجيا، فأول البعثة لم يكن هذا الحكم المشكوك فيه مجعولا قطعا فالمتيقن هو العدم النعتي.
الثاني: ما افاده المحقق النائيني (ره) أيضا، وهو ان الباعث أو الزاجر انما هو التكليف الفعلي لا الانشائي، فلا بد من اثبات عدم ذلك، واستصحاب عدم الجعل لا ثبات عدم المجعول من أوضح أنحاء الأصول المثبتة.
وفيه: مضافا إلى النقض باستصحاب عدم النسخ وبقاء الجعل الذي اتفق الكل على جريانه، فلو كان نفى الحكم باستصحاب عدم الجعل مثبتا كان اثباته باستصحاب بقاء الجعل وعدم النسخ أيضا مثبتا.
انه لا تعدد للاعتبار والمعتبر والانشاء المنشأ كما في الايجاد والوجود، وانما لا يجب امتثال الأحكام قبل وجود الموضوع من جهة تعلقه به في ظرف وجوده على نحو القضية الحقيقية، فمع عدم الموضوع لا حكم في حق المكلف من الأول، والا فمن جهة عدم الوجود للحكم الا بالاعتبار يكون لا محالة متحققا من حين الاعتبار، فلا مانع من استصحابه، أو عدمه فتدبر فإنه دقيق.
الثالث: معارضة استصحاب عدم جعل الحكم الإلزامي مع استصحاب عدم جعل الترخيص للعلم بتحقق أحدهما.
وفيه: انه لا مانع من اجرائهما معا، بعد فرض عدم لزوم المخالفة العملية من