المعرفة بأحكام الله تعالى بقرينة انه فرع عليه في أحد النقلين، ثم ارسل رسولا وانزل عليهم الكتاب فامر الخ، فيكون وزانه وزان ما رواه المحدث الكاشاني في باب البيان والتعريف باسناده عن اليماني عن أبي عبد الله (ع) ان امر الله عجيب الا انه قد احتج عليكم بما عرفكم من نفسه الحديث يعنى ان صفات الله وأفعاله عجائب وغرائب لا يصل إلى كنهها ولا يدرك اسرارها الا الأقلون ولكن سبحانه لا يريد منكم البلوغ إليها ولم يطلب من لم يبلغ إليها ان يعبده بحسبها بل بحسب ما بلغ إليه منها وعرفه الله تعالى من نفسه فحسب وانما يحتج عليكم بمقدار معرفتكم التي عرفكم.
وفيه: ان ما بعد ذلك الذيل شاهد على أن المقصود هو المعرفة بالأحكام الفرعية لا حظ الخبر، فالمراد منه انه حيث جرت سنة الله تعالى وعادته على الاحتجاج على العباد بما عرفهم فذلك منشأ ارسال الرسل وانزال الكتب، فهذا الخبر صحيح سندا ويدل على البراءة.
ودعوى انه لا يدل على عدم الاحتجاج بما لم يعرف الا بالمفهوم ولا يقولون به في أمثال المقام، لأنه من قبيل مفهوم الوصف واللقب.
مندفعة بأنه لوروده في مقام الامتنان والتحديد وبظهوره في أن الاحتجاج بما عرفه مناسب لمقام الألوهية، يدل على المفهوم.
ومن الاخبار خبر عبد الا على بن أعين عن أبي عبد الله (ع) عمن لم يعرف شيئا هل عليه شئ قال (ع) لا، راجع أصول الكافي ج 1 ص 164 باب حجج الله على خلقه، ورواه الصدوق في التوحيد ص 412 الطبعة الحديثة.
وتقريب دلالته على البراءة ان الظاهر من الشئ الأول هو مطلق ما لا يعرفه من الأحكام - وبعبارة أخرى - فرد واحد، ومن الشئ الثاني الكلفة والعقوبة من قبل الحكم المجهول، فيستفاد منه عدم وجوب الاحتياط.
وأورد عليه باحتمال ان يكون المراد منه العموم في النفي فيدل على عدم مؤاخذة من لم يعرف من الأحكام ولو واحدا منها وهو الجاهل القاصر الغافل عن الأحكام كاهل البوادي والسودان.