وفيه: ان المراد بالاطلاق ليس هو الارسال وعدم التقييد الواقعي، كان المراد بالورود هو الوصول أو الصدور، اما على الأول فلانه يلزم اختصاص الأحكام بالعالمين والتصويب الباطل، واما على الثاني فلانه يلزم جعل أحد الضدين غاية للضد الاخر، وهو من الاستهجان بمكان لكونه، من الواضحات، فلا محالة يكون المراد عدم التقييد ظاهرا، وحيث إن تقييد الحكم الظاهري بوجود الحكم الواقعي أو عدمه غير صحيح: إذ موضوعه الشك في الحكم الواقعي، والحكم الواقعي ليس غاية للشك، بل العلم غاية له، مع أن مفاده حينئذ ان كل شئ مباح ظاهرا ما لم يكن في الواقع حراما وهو كما ترى، فلا محالة يكون المراد بالورود الوصول.
مع أن الحكم بالإباحة انما يكون ناشئا عن لا اقتضائية الموضوع، فلا يمكن ورود الحرمة في موردها لاستلزامها فرض اقتضائية الموضوع - ودعوى - انه لا ينافي كون الفعل لا اقتضاء بذاته، ومقتضيا لانطباق عنوان عليه - مندفعة - بان النهى على هذا انما يرد على ذلك العنوان، لا انه يرد في مورد الإباحة، مضافا إلى منافاة الخبر حينئذ لما دل على أن حلال محمد (ص) حلال إلى يوم القيامة.
هذا كله إذا أريد بالخبر ما هو ظاهره من كون الإباحة مغياة بورود النهى في موردها، واما ان قيل إنه أريد به تحديد الموضوع بان يراد ما لم يرد فيه نهى مباح وما ورد فيه النهى ليس بمباح، بان يكون القيد بنحو المعرفية، فيرد عليه مضافا إلى كونه خلاف الظاهر أنه يكون حملا للخبر على ما هو بديهي ولا يناسب مقام الإمامة التصدي لبيانه.
ويرد على المحقق الخراساني مضافا إلى ذلك: ان الورود بحسب معناه اللغوي ليس مساوقا للصدور، بل هو مفهوما مقارب للوصول، فإنه متعد بنفسه، والصدور لازم يقال الحياض تردها الكلاب وفى الآية الكريمة " وان منكم إلا واردها " وقد فسرت الآية في المجمع عن الإمام الصادق (ع) بالاشراف عليها ويقال، وردني كتاب، وانما يتعدى بعلى فيما إذا أريد تفهيم الاشراف، وربما يكون الوارد أمرا له محل في نفسه، كالأمر والنهى فيقال ورد فيه امر أو نهى، فالموضوع محل الوارد، والمورد هو المكلف.
وعليه فهو في نفسه ظاهر في الإباحة الشرعية الظاهرية مع قطع النظر عن البرهان