ما افاده الشيخ الأعظم، وهو ان المراد من قوله (ع) فيها (فيه حلال وحرام) كونه منقسما إليهما ووجود القسمين فيه بالفعل، لا مرددا بينهما إذ لا تقسيم مع الترديد أصلا لا ذهنا ولا خارجا، وذلك لا يتصور الا في الشبهة الموضوعية، كالمايع المشكوك كونه خمرا أو خلا: إذ لا قسمة فعلية في الشبهة الحكمية، كما لو شك في حلية شرب التتن فان فيه احتمال الحرمة والحلية لا وجود القسمين فيه.
وأورد عليه بوجهين أحدهما: ما افاده المحقق العراقي وهو ان التقسيم الفعلي يتصور في الشبهة الحكمية مثلا اللحم فيه حلال، وهو لحم الغنم، وفيه حرام، وهو لحم الأرنب وفيه مشكوك فيه، وهو لحم الحمار الوحشي مثلا، فإذا عم الحديث هذه الشبهة وحكم بالحلية فيها، تثبت الحلية في ساير الموارد بضميمة عدم القول بالفصل.
وفيه: ان الشيخ يدعى ظهور الاخبار في كون وجود القسمين بالفعل، منشئا للشك في حلية المشكوك فيه، وهذا يختص بالشبهة الموضوعية، فإنه إذا شك في كون شئ ماءا أو خمرا، لا محالة يشك في حليته، وحرمته، ومنشأ الشك حرمة الخمر، وحلية الماء، إذ لو كانا حلالين، أو حرامين، لما كان هناك شك في الحلية والحرمة، وهذا بخلاف الشبهة الحكمية، فان منشأ الشك فيها ليس وجود القسمين فعلا، بل فقدان النص، أو اجماله، كان القسمان حلالين، أم حرامين، أم مختلفين.
ثانيهما: ما افاده المحقق النائيني، وهو ان لفظ الشئ، هو الموجود الشخصي الخارجي لا المفهوم الكلى، وحيث انه لا يعقل انقسامه إلى الحلال، والحرام، كان ذلك قرينة على أن المراد من التقسيم قرينة على اختصاصه بالشبهات الموضوعية.
وفيه: ان لفظ الشئ من الألفاظ التي تطلق، على جميع الأمور، كليا كان ذلك الامر، أم شخصيا، بل وان كان ممتنعا كشريك الباري.
مع أنه لو سلم إرادة الموجود الخارجي منه نلتزم بالاستخدام في الضمير في قوله:
فيه حلال وحرام، والقرينة على هذا الاستخدام نفس التقسيم، كما أشار إليه الشيخ، فالأظهر اختصاصها بالشبهة الموضوعية.