كما لا يخفى، بل يعقل ان تكونا منها: إذا المتنجس انما ينجس بذاته على ما هو عليه من دون عروض كيف حقيقي عليه ليكون منطبق عنوان نجس وهل يتوهم ان يكون في بدن الكافر شئ موجود خارجي، ويرتفع اظهار الاسلام، إذ بدن هذا الشخص قبل الاسلام وبعده حسا وعيانا على حد سواء، فما ذلك الكيف القائم بالجسم في حال الكفر الذي لا يحس بقوة من القوى.
اللهم الا ان يقال، ان دعوى ان المتنجس ينجس بذاته على ما هو عليه من دون عروض كيف حقيقي عليه، تندفع بان ذلك أول الدعوى فالخصم يدعى عروضه، غاية الامر انه لا يرى بدون الأسباب، وكم له نظير في الموجودات، والمكروبات، - وبعبارة أخرى - انهما من قبيل الخواص والآثار كخواص الأدوية التي لا يعرفها الا الأطباء، واما بدن الكافر، فيمكن ان يقال ان الشارع حكم بنجاسته تنزيلا وحكومة، أي نزل بدنه منزلة النجاسة لقانون تعاكس النفس والبدن، والكفر موجب لكثافة النفس ولذلك حكم بنجاسة بدنه، والاسلام يرفع تلك الحالة النفسانية.
والحق في الجواب ان يقال انهما لو كانا أمرين واقعيين لما اختلفت الشرايع في عدد النجاسات، ولا اختلفت في المطهرات، مع أن الشرايع مختلفة في ذلك كله.
أضف إلى ذلك أن ظاهر الأدلة جعلهما لا كشفهما، سيما المتضمنة لجعل الطهارة الظاهرية، إذ لو كانتا من الأمور الواقعية، لزوم حمل تلك الأدلة على جعل الآثار، وهو خلاف الظاهر.
واما الكيف القائم بالنفس في الحدث فحيث لا ريب في عدم كونه من الاعتقاديات فلو كان فلا محالة يكون من الأوصاف الرذيلة النفسانية نظير ساير الملكات والصفات غير الحميدة، إذ لا ثالث لصفات النفس، ولا شبهة في عدم كونه منها لوجهين.
الأول: ان الحدث حالة تحصل للأنبياء والأوصياء وحاشاهم من اتصاف نفوسهم بصفة نقص. الثاني: ان أسبابه قد تقع على وجه العبادية المكملة للنفس.
فالحق ان الطهارة وما يقابلها ليستا من الأمور الواقعية وانما هما من الأحكام الشرعية مع أنه لو سلم كونهما منها الا ان كاشفهما لا محالة يكون هو الشارع وعند الشك