بصورة حصول العلم كان ذلك مستلزما لالغاء عنوان الانذار إذ التحذر حينئذ يكون للعلم لا للانذار غاية الامر يكون الانذار من مقدمات حصول العلم.
ورابعا: ان لازم ذلك حمل اطلاق الآية على الفرد النادر إذ ظاهر الآية الشريفة، بقرينة تقابل الجمع بالجمع، هو انذار كل واحد من الطائفة، بعضا من قومه، كما هو مقتضى طبع الحال، لا انذار مجموع الطائفة مجموع القوم، وعليه فإفادة انذاره العلم في غاية الندرة.
وخامسا: انه يستكشف اطلاق وجوب التحذر من اطلاق وجوب الانذار، لان الانذار واجب على كل أحد، سواء أفاد قوله العلم، أم لم يفد ومع انحصار فائدة الانذار في التحذر، يكون التحذر واجبا مطلقا، والا يلزم اللغوية أحيانا، كما أن غاية وجوب الانذار لو كان هو التحذر، فوجوب الانذار لتلك الغاية، لو كان مطلقا، لا محالة يكشف عن اطلاق وجوب الغاية المترتبة عليه، لاستحالة اطلاق أحدهما، واشتراط الاخر كما هو واضح.
الايراد الثاني ما افاده الشيخ الأعظم أيضا - وهو - ان الانذار هو الابلاغ مع التخويف، والتحذر هو التخوف الحاصل عقيب هذا التخويف، ومن المعلوم ان التخويف لا يجب الا على الوعاظ في مقام الايعاد على الأمور التي يعلمها المخاطبون بحكمها، وعلى المرشدين في مقام ارشاد الجاهلين، ومن المعلوم ان تصديق الحاكي، فيما يحكيه من لفظ الخبر خارج عن الامرين، وخبره ان اشتمل على التخويف، لا يجب على المجتهد العمل به فان فهمه ليس حجة عليه، وهذا بخلاف المجتهد بالنسبة إلى مقلديه كما لا يخفى.
وفيه: ان قوله تعالى ليتفقهوا في الدين قرينة على إرادة بيان الأحكام من، ولينذروا لا سيما مع ملاحة ايجاب النفر كما لا يخفى - وعليه - فلا بد وان يحمل الانذار على الانذار الضمني وهو كما يكون بالافتاء بوجوب شئ أو حرمته كذلك يكون بالاخبار بأحدهما كما لا يخفى، فلا وجه لدعوى اختصاص الآية الشريفة بالوعاظ أو المفتين.
الايراد الثالث ان التفقه اخذ عنوانا في الآية فالموضوع هو الفقيه فهي تدلى على