حجية انذار الفقيه لا انذار كل راو.
وفيه: ان الفقه في اللغة هو الفهم لا الاستنباط فالمراد بها هو، تعلم الأحكام الشرعية ، ويؤيده بل يشهد له، ملاحظة نزول الآية، أضف إليه ان الموضوع هو المتفقه، لا الفقيه، ومن الواضح انه يصدق على الراوي، مع أن الاستنباط في صدر الاسلام لم يكن الا بسماع الحديث وتحمله، وفهمه معناه الظاهر، ولم يكن بهذه الصعوبة، فالرواة في صدر الاسلام، كانوا فقهاء، فيها يروون، فالآية تدل على حجية روايتهم، وإذا ثبت ذلك في روايتهم ثبت في رواية غيرهم، لعدم القول بالفصل.
فتأمل فإنه إذا دل الآية على حجية قول الفقيه بما هو فقيه على نحو دخل هذا العنوان لا محالة تدل على حجيته لمقلديه، وعدم الفصل انما يثبت حجية رأى الفقيه في هذه الأزمنة، لا حجية الخبر، ومجرد سهولة الفقاهة في الصدر الأول لا يصلح لذلك.
الرابع: ما افاده الشيخ الأعظم (ره) أيضا - وحاصله - ان التفقه الواجب، هو معرفة الأمور الواقعية من الدين، فالانذار الواجب هو الانذار بهذه الأمور المتفقه فيها، فالحذر لا يجب الا عقيب الانذار بها، فإذا لم يحزر المنذر بالفتح، ان الانذار هل وقع بتلك الأمور أم بغيرها تعمدا أو خطاءا لم يجب التحذر، فينحصر وجوب التحذر بما إذا علم المنذر صدق المنذر، بالكسر.
وفيه: ان اللازم هو الانذار بما علم إذا المأمور به هو الانذار بما تفقه أي تعلم من الأحكام لا الانذار بالحكم الواقعي، وهو لا يقتضى ان يكون الانذار مفيدا للعلم ليتقيد به الانذار، فيتقيد به التحذر - نعم - لا بد وان يحرز انه انذار بما علم، ويحرز ذلك، باحراز انه متحرز عن الكذب، بضميمة أصالة عدم الغفلة التي هي من الأصول العقلائية كما لا يخفى.
واما ما عن المحقق النائيني (ره) من الجواب عن ذلك، بان نفس الآية تدل على أن ما انذر به المنذر يكون من الأحكام لان قول المنذر إذا جعل طريقا إليها، يجب اتباع قوله، والبناء على أنه هو الواقع، فالآية بنفسها تدل على أن ما انذر به المنذر يكون من الأحكام الواقعية.