ففيه ان أساس الايراد انما هو تقييد الموضوع، أي الانذار بكون المنذر به من الدين، وهذا القيد لا يحرز بشمول دليل الحكم، - وبعبارة أخرى - إذا تم الموضوع وصار الانذار حجة يتم ما ذكر ولكن المستشكل من جهة انه يدعى تقييد الموضوع يدعى عدم شمول الدليل للانذار ما لم يحرز كونه انذارا بالأحكام الواقعية، فالحق ما ذكرناه.
الخامس: ان الإمام (ع) طبق الآية الشريفة على أصول العقائد - كصحيح - يعقوب بن شعيب عن الإمام الصادق (ع) قال قلت له إذا حدث على الامام حدث كيف يصنع الناس قال (ع) أين قول الله عز وجل فلو لا نفر الخ (1) ونحوه غيره ولا ريب في أن اللازم في الأصول العلم فلا تدل الآية على حجية الخبر غير المفيد للعلم.
وفيه: أولا ان هذه الآية الشريفة تدل على كفاية الخبر الواحد في العقائد وانما يقيد اطلاقها بالنسبة إليها بواسطة دليل خارجي. وثانيا: ان هذه الأخبار بما انها اخبار آحاد لا تصلح لان يرفع اليد لأجلها عن ظهور الآية الشريفة في حجية الخبر الواحد، فإنه يجرى فيها ما ذكرناه في خبر السيد في آية النباء فراجع. وثالثا: ان الآية الشريفة متكفلة لبيان احكام - وهي - وجوب النفر والتفقه ووجوب الانذار، ووجوب التحذر، والذي طبقه الإمام (ع) على أصول العقائد انما هو الحكم الأول ولا ربط للحكم الثاني به، ورابعا انها اخبار آحاد لا يصح الاستدلال بها لعدم حجية خبر الواحد.
والحق ان يورد على هذا الوجه بأنه كون كلمة لعل ظاهرة في كون ما بعدها غاية لما قبلها غير ثابت، بل في كثير من الموارد - كقولنا - لا تهن الفقير علك ان تركع يوما والدهر قد رفعه - والأمثلة المتقدمة من الآيات والروايات، ليست كذلك، وبالجملة بعد كون كلمة لعل للتشكيك والترديد لا مورد لهذا الوجه.
الوجه الثالث: ان الانذار بمقتضى الآية واجب، للامر به، ولجعله غاية للنفر الواجب كما هو قضية كلمة لولا التحضيضية، فيجب التحذر وان لم يفد قول المنذر العلم، وإلا لغي وجوبه.