فكل من دخل في الرضاع تحت واحدة من تلك الأفراد المعدودة في الآية لحقه التحريم: وكل من لم يدخل فلا يلحقه تحريم، وهذه ضابطة أخرى في المقام، وقد استثنى من هذه القاعدة أيضا الصورة المشار إليها آنفا، وقد وقع الاشتباه في حكم نسوة كثيرة، ولا سيما على القول بالمنزلة، ومن راعى هاتين القاعدتين المذكورتين حق المراعاة لا يخفى عليه الحال، ولا يعرض له الاشكال.
وقد استثنى العلامة في التذكرة من قاعدة " يحرم من النسب " أربع صور وليست محلا للاستثناء لعدم دخولها تحت القاعدة المتقدمة كما سيظهر لك إن شاء الله.
الأولى: قال أم الأخ والأخت في النسب حرام لأنها أم، أو زوجة أب، وأما في الرضاع فإن كانت كذلك حرمت أيضا، وإن لم تكن كذلك لم تحرم، كما لو أرضعت أجنبية أخاك أو أختك لم تحرم.
والتحقيق أن هذه لا تحتاج إلى الاستثناء لعدم دخولها تحت قاعدة يحرم من النسب: والاستثناء هو اخراج ما لولاه لدخل، وهذه غير داخلة كما ذكرناه.
وتوضيحه: أن مقتضى القاعدة الثانية التي قدمناها أن كل امرأة حرمت باعتبار وصف في النسب من أمومة أو بنتية أو نحوهما حرمت نظيرتها في الرضاع، وأم الأخ والأخت ليست من المحرمات السبع المعدودة في الآية، لأن أم الأخ والأخت لا يخلو إما أن يكون أما فتحريمها إنما هو من حيث الأمومة كما تضمنته الآية، لا من حيث كونها أم أخ أو أخت، وإن لزمها في بعض الأحوال، إلا أنه منفك من الجانبين فقد يكون أما خاصة إذا لم يكن لها ولد سواه، وقد تكون أم أخ أو أخت ولا تكون أما، وحينئذ فلا يدل تحريم الأم على تحريم أم الأخ أو الأخت.
وأما أن يكون زوجة أب فتحريمها إنما هو من حيث المصاهرة لا من حيث النسب، والرضاع إنما يتفرع على النسب لا على المصاهرة.
على أن هذه المصاهرة غير مؤثرة في التحريم لأنها ملائمة لما يحرم بالمصاهرة