الثالثة: قال: جدة الولد في النسب حرام، لأنها إما أمك أو أم زوجتك، وفي الرضاع قد لا يكون كذلك كما إذا أرضعت أجنبية ولدك فإن أمها جدته، وليست بأمك ولا أم زوجتك.
أقول: والكلام في هذه الصورة على نهج ما تقدم، فإن جدة الولد ليست إحدى المحرمات السبع التي تضمنتها الآية، وإن اتفق كونها أما فتحريمها إنما هو من حيث الأمومة لا من حيث كونها جدة الولد ليتم التفريع عليه في الرضاع.
وأما تحريم أم الزوجة، فإنما هو بالمصاهرة، على أنك قد عرفت ما في هذه المصاهرة كما في نظائرها المتقدمة، فإن جدة الولد من حيث كونها كذلك ليست إحدى النسوة الأربع المحرمة في الآية بالمصاهرة، إذ المحرم في تلك الأربع إنما هو أم الزوجة، ومن المعلوم أن هذه ليست كذلك.
وبالجملة فإن التفريع على جدة الولد غير تام، لأنها إن كانت أما فإنما هو من حيث الأمومة، وإلا فلا وجه للتفريع.
قال في المسالك - بعد الكلام بنحو ما ذكرناه في ذلك -: ومن هذه الصورة أيضا يظهر حكم ما لو أرضعت زوجتك ولد ولدها ذكرا كان الولد أو أنثى، فإن هذا الرضيع يصير ولدك بالرضاع بعد أن كان ولد ولدك بالنسب، فتصير زوجتك المرضعة جدة ولدك وجدة الولد محرمة عليك كما مر، لكن هنا لا تحرم الزوجة لأن تحريم جدة الولد ليس منحصرا في النسب، ولا من حيث إنها جدة كما عرفت.
وكذا القول لو أرضعت ولد ولدها من غيرك، فإن الرضيع يصير ولدك بالرضاع، وإن لم يكن له إليك انتساب قبله، وتصير زوجتك جدة ولدك، ولا يحرم بذلك كما قررناه. إنتهى.
أقول: وأصحاب التنزيل الذين وقعوا في شباك الالتباس في الرضاع يقولون بالتحريم في هذه الصور كلها كما سيأتي - إن شاء الله تعالى - بيانه.