وقال جابر: لسنا ننوي إلا الحج، لسنا نعرف العمرة حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا، ثم تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ * (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) * فجعل المقام بينه وبين البيت.
فكان أبي يقول: ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين * (قل هو الله أحد) * و * (قل يا أيها الكافرون) *. ثم رجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ * (إن الصفا والمروة من شعائر الله) * " أبدأ بما بدأ الله به " فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت، فاستقبل البيت ووحد الله وكبره وقال: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير، لا إله إلا الله وحده، نصر عبده، وهزم الأحزاب وحده " ثم دعا بين ذلك، قال مثل ذلك ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصب قدماه إلى بطن الوادي حتى إذا صعدنا مشى، حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخر طوافه على المروة قال: " إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة " فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله لعامنا هذا أو لابد أبد " فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى وقال: " دخلت العمرة في الحج ". مرتين، " لا بل لابد أبد ".
وقدم علي من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه وسلم فوجد فاطمة من حل ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت، فأنكر ذلك عليها فقالت: أبي أمرني بهذا، قال: فكان علي يقول بالعراق:
فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشا على فاطمة للذي صنعت مستفتيا لرسول الله فيما ذكرت عنه، قال: أخبرته إني أنكرت ذلك عليها فقال: " صدقت صدقت "، قال: " ما قلت حين فرضت الحج "؟ قال: قلت: اللهم إني أهل بما أهل به رسولك، قال: " فإن معي الهدي فلا تحل ".
قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم مائة، قال: فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي، فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له