يرحم لا يرحم.
(3655) 9 - وعنه، عن أبيه، عن المفيد، عن ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن أحمد ابن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي محمد الأنصاري، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله عليه السلام (في حديث) قال: كل الجزع والبكاء مكروه ما سوى الجزع والبكاء لقتل الحسين عليه السلام. أقول: هذا محمول على عدم زيادة الحزن، أو على اجتماع الحزن والبكاء معا.
10 - علي بن موسى بن طاوس في كتاب (الملهوف) على قتلى الطفوف عن الصادق عليه السلام أن زين العابدين بكى على أبيه أربعين سنة، صائما نهاره، قائما ليله، فإذا حضر الافطار جاء غلامه بطعامه وشرابه فيضعه بين يديه فيقول: كل يا مولاي، فيقول: قتل ابن رسول الله صلى الله عليه وآله جائعا، قتل ابن رسول الله عطشانا، فلا يزال يكرر ذلك ويبكي حتى يبل طعامه بدموعه، ويمزج شرابه بدموعه، فلم يزل كذلك حتى لحق بالله عز وجل.
11 - وعن بعض مواليه قال: خرج يوما إلى الصحراء، فتبعته فوجدته قد سجد على حجارة خشنة فوقفت وأنا أسمع شهيقه وبكاؤه، وأحصيت له ألف مرة وهو يقول: لا إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله تعبدا ورقا، لا إله إلا الله إيمانا وصدقا ثم رفع رأسه من سجوده وأن لحيته ووجهه قد غمرا بالماء من دموع عينيه، فقلت له: يا سيدي ما آن لحزنك أن ينقضي؟ ولبكائك أن يقل؟ فقال لي: ويحك! إن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم كان نبيا ابن نبي، وكان له اثنى عشر ابنا فغيب الله واحدا منهم فشاب رأسه من الحزن، واحد ودب ظهره من الغم والهم، وذهب بصره من البكاء، وابنه حي في دار الدنيا، وإني رأيت أبي وأخي وسبعة عشر من أهل بيتي صرعى مقتولين، فكيف ينقضي حزني ويذهب بكائي؟!