لما رواه سماعة قال: سألته عن الرجل يفتري على الرجل ثم يعفو عنه ثم يريد أن يجلده بعد التوبة، قال: ليس له ذلك بعد العفو (1).
وقال الشيخ في الاستبصار: إذا رفعته (2) المقذوفة إلى الإمام أو الحاكم لم يكن لها بعد ذلك عفو، عقيب ما روى عن محمد بن مسلم في الصحيح قال:
سألته عن الرجل يقذف امرأته، قال: يجلد، قلت: أرأيت إن عفت عنه؟ قال:
لا ولا كرامة (3). جامعا بين هذا الحديث وبين الحديث السابق.
والوجه الأول.
مسألة: قد تقدم في كتاب الشهادات كيفية التوبة من القذف.
قال الشيخ في المبسوط: إذا كانت التوبة عن فعل - كالزنا والسرقة واللواط والغصب وشرب الخمر - الإتيان بالضد مما كان عليه وهو صلاح عمله، لقوله تعالى: " إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات " فإذا ثبت أنها صلاح عمله فمدته التي يقبل بها شهادته سنة، ومن الناس من قال: يصلح عمله ستة أشهر، وإن كانت عن قوله - كقذف السب - فصفة التوبة أن يقول: القذف باطل حرام ولا أعود إلى ما قلت. وهل يفتقر عدالته التي يقبل بها شهادته إلى صلاح العمل أم لا؟ قال قوم: مجرد التوبة مجزئة، وقال قوم: لا بد من صلاح العمل، وهو الأقوى، للآية، وصلاح العمل عند من شرطه سنة على ما مضى. وأما قذف الشهادة فهو أن تشهد بالزنا دون أربعة فإنهم فسقة فالتوبة هنا أن يقول: ندمت على ما كان مني ولا أعود إلى ما اتهم فيه، ولا يقول: ولا أعود إلى ما قلت، لأن الذي قاله شهادة، فيجزئه أن يقول: