وقال ابن إدريس في العين العوراء الدية كاملة إذا كانت خلقة أو قد ذهبت بآفة من جهة الله تعالى، فإن كانت قد ذهبت وأخذ ديتها أو استحق الدية، وإن لم يأخذها كان فيها ثلث الدية، وهو اختيار شيخنا أبي جعفر في مبسوطه ومسائل خلافه، وذهب في نهايته إلى أن فيها نصف الدية. والأول الذي اخترناه هو الأظهر الذي يقتضيه أصول مذهبنا، ولأن الأصل براءة الذمة فيما زاد على الثلث، فمن ادعى عليه زيادة يحتاج إلى دليل، ولا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع، ولا يرجع في مثل ذلك إلى أخبار الآحاد (1).
وفي هذا النقل نظر، فإن الشيخ قال في الخلاف: إذا قلع عين أعور أو من ذهبت عينه بآفة من الله تعالى كان بالخيار بين أن يقتص من إحدى عينيه أو يأخذ تمام دية كاملة ألف دينار، فإن كانت قلعت فأخذ ديتها أو استحقها، وإن لم يأخذها فليس له إلا نصف الدية (2).
وقال في المبسوط: في عين الأعور إذا كانت خلقة الدية كاملة، أو يأخذ إحدى عيني الجاني ونصف الدية، وإن كانت قلعت فاستحق ديتها، أو اقتص منها كان فيها نصف الدية (3).
فهذا ما قاله الشيخ في الكتابين، ولعل الخطأ نشأ لابن إدريس من دية العين إذا خسف بها بعد ذهاب ضوئها فإنه ثلث دية العين، أما العين الصحيحة إذا فقئت فإن فيها نصف الدية إجماعا، وأوجبنا الدية الكاملة في صحيحة الأعور خلقة، لإجماع علمائنا، وإذا كان العور غير خلقة صرنا إلى الحكم المجمع عليه أولا وهو وجوب نصف الدية، وقول ابن إدريس خطأ لا دليل عليه.