وروى أصحابنا عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام، أنه قال: لا قطع على من سرق شيئا من المأكول في عام مجاعة (1).
الحقوق على ثلاثة أضرب، حق الله محض، وحق للآدمي محض، وحق الله ويتعلق بحق للآدميين (2).
فأما حقوق الله المحضة، فكحد الزنا والشرب، فإنه يقيمه الإمام من غير مطالبة آدمي.
وأما حقوق الآدميين المحضة المختصة بهم، فلا يطالب بها الإمام إلا بعد مطالبتهم إياه باستيفائها.
فأما الحق الذي لله ويتعلق به حق الآدمي، فلا يطالب به أيضا ولا يستوفيه إلا بعد المطالبة من الآدمي، وهو حد السارق، فمتى لم يرفعه إليه ويطالب بماله، لا يجوز للحاكم إقامة الحد عليه بالقطع.
فعلى هذا التحرير، إذا قامت عليه البينة بأنه سرق نصابا من حرز لغائب، وليس للغائب وكيل يطالب بذلك، لم يقطع حتى يحضر الغائب ويطالب، فأما إن قامت عليه البينة، أو أقر بأنه قد زنى بأمة غائب، فإن الحاكم يقيم الحد عليه، ولا ينتظر مطالبة آدمي لأن الحق لله تعالى محضا.
ولهذا قال شيخنا في مسائل الخلاف مسألة: إذا سرق عينا يجب فيها القطع فلم يقطع حتى ملك السرقة بهبة، أو شراء، لم يسقط القطع عنه، سواء ملكها بعد أن ترافعا إلى الحاكم أو قبله، بل إن ملكها قبل الترافع، لم يقطع، لا أن القطع سقط، لكن لأنه لا مطالب له بها، ولا قطع بغير مطالبة بالسرقة، فهذا آخر كلامه رحمه الله (3) ونعم ما قال:
قد قلنا إنه لا قطع إلا على من سرق من حرز، فيحتاج إلى شرطين، السرقة والحرز، فإن سرق من غير حرز فلا قطع وإن انتهب من حرز فلا قطع أيضا، وكذلك